abdelhamid Chaouki poète philosophe marocain
Page 1 sur 1
abdelhamid Chaouki poète philosophe marocain
abdelhamid Chaouki
شعرية القلق
عبد الحميد شوقي
ركادي من احلامه عريان
آش جا ما دفاني
ف كل ليلة
نحطب من غابة الروح
نخلي ناري تكدي
ونسافر ف زماني..
بلغة فصيحة:
رقادي عار من أحلامه
آه ما الذي سيدفئني !
في كل ليلة
أحطب من غابة الروح
أترك ناري مشتعلة
وأسافر في زماني ..
وبلغة الفكر :
ليس لي إلا العراء
وحيد في وجه العالم
حيث لا يوجد الاطمئنان
ولا أعثر في الروح
إلا على ما يبعث
على قلق السفر في الزمان ..
هكذا عندما نترجم الرؤية إلى أدوات الفكر النقدي، نجد أنفسنا فجأة خارج سياق الشعرية التقليدية. خارج بنيتها. خارج متنفَّسها. خارج أفقها. نحن أمام بنية مغايرة بعناصرها وسياقها غير المألوفين:
- بروز الذات
- القلق الوجودي
- الصراع من أجل الآتي وقتل الماضي ..
ولكي تتم الخلخلة، لا بد من عناصر جديدة تماما:
- الأسطرة في بعدها الكوني
- الغوص في عمق المسكوت عنه الأمومي كالحكايا الطفولية ولغة الأصول الأمازيغية
- الانفتاح على الممكن المعرفي للذات، من حيث أن الشاعر هنا لم يعد مجرد قوال أو نظام شعبي، بل هو بالأساس مثقف جاء من أروقة الجامعة ودهاليز المعرفة العالمة
- الوعي بالكتابة. والوعي لا يعني فقط الانطلاق من الذات، ولا يعني فقط القدرة على تطوير التجربة والأدوات الفنية والرؤية الفكرية للشاعر. الوعي يعني أن الذات أصبحت تنطلق من إدراك أن القصيدة ليست موجودة في ذاتها، ولم تعد معطى جاهزا يكفي الشاعر أن يتماهى مع عالمها الماثل أمامه لكي يكتبها. المنطلق هنا هو اللاشيء، العدم. النص هو ما سيأتي. هو ما يتجاوز لحظة الماضي الجاهز والحاضر القلق نحو المستقبل. نحو النص لذاته، حيث لا يجد الشاعر من يسعفه غير تجربته الذاتية المعيشة، حين يتحرر من قيود الضرورات المفروضة عليه بفعل الموروث وسلطة الأمس. لهذا سيرتبط النص بقلق الزمان والصراع مع الوقت واللحظة :
رميت الساعة
من شرجم الزمان
بغيت نشوف ونتيق
الوقت كيطير..
الوقت قصيف
وانا ساكن خريف ..
.......
ركبت الريح
توسدت خوايا .
..
..
مديت يدي
نقطف من طرف لساني معنى
خايف نسكت
يفوتني كلامي
قلت نهدر
خفت تهرب لمعاني ..
بهذا الوعي، يتفادى النص السقوط في الارتجال والجاهزية والعفوية والنمطية .ويدخل بوابة النص الحداثي من خلال ما يمكن أن أسميه بالجرأة البروميثية:
- الجرأة على إدخال اللغة الإثنية كمفصل أساسي داخل النص ( الأمازيغية في قصيدة " إيزوران " )
- الجرأة على توظيف الأسطورة الكونية لفرع سلطة المحلي عن النص الزجلي ( من خلال قصيدة " شمس الما " )
- الجرأة على التساؤل الفلسفي ( محطة لحماق- رماد الطين- الساعة سؤال )
- الجرأة على الثقافة الشعرية الفصيحة: استدراج تقنيات قصيدة النثر وقصيدة التفعيلة إلى النص الزجلي:
ب الشعى اللي يشيط
لونت لغياب
قبل تغيب
وكبيت الباقي ف الكاس
شربت منه ما كفاني
حتى ثقال الراس ...
- الجرأة على اللغة ذاتها: إخراج بعض المسكوكات اللغوية من سياقها التداولي لإدراجها ضمن تداولية مغايرة:
العين اللي ياكلها السراب – جمرة وهلال – ضرس لفجر..
- الجرأة على الطبيعة ذاتها: الانزياح عن نظامها العادي من أجل أنسنتها:
شافتني( الشمس ) حشمت
حتى احمارو خدودها
وغطست راسها ف الما ملي حصلت ..
هكذا نتأدى إلى نتيجة جوهرية :
- ضرب أفق المتلقي كأفق منتظر وعادي:
لم يعد المتلقي ينتظر من النص ما رسبه هو من تجارب وخبرات وانتظارت موروثة
أصبح المتلقي حائرا لأنه لم يعد ينطلق من مكتسباته هو كأساس دلالي
كل ذلك يدفعه إلى السفر وفتح هامش السؤال والحوار والتواطؤ مع النص لإنتاج مدلول مفتقد على أرض الواقع.
راس الدرب: عين حاضية
ورد ذابل
بولة طافية
وراس مقدم شاعل..
راس لغرايب: تابع لقصيدة وهي عاطياه ب الظهر
يحزر وهي زايدة ف لفشر
ملي طاحت في هواه وعول يسهر
كان عليها حق الشهر ..
هذه الرؤية الحداثية ستتجلى كذلك من خلال انفتاح النص على ثنائيات لم تعد متصارعة ومتنافرة كما هو الأمر عليه في الواقع:
الفصحى / الدارجة- العربية / الأمازيغية- المنفى في لغة الأم / المنفى في لغة الأمة- السؤال / الجواب- المحلي / الكوني- الشعبي / العالم..
هذه الثنائيات أصبحت بمثابة الجدل الداخلي الذي يقود تكون وتشكل النص ويعطيه نبض الحياة والارتباط بالمكان والتاريخ والإنسان. ولذلك ستنكسر بنية المسكوكات وترابطها اللغوي التقليدي:
سال الورقة
إيلا لمداد عليها سال
سال المعنى
الملون لبياض
راسم جمرة وهلال ( وليس كمرة وهلال )
سال لحجر
ملي حضن لخطوط
قبل ما تزيد الورقة
نبتها زهرة ف الكف
قبل ما تذبال..
....
...
وحيت السؤال اكبر مني
حتى اصبح
رغبة ف عينيك
وتلفني قطار
ركبته خطا
ونزلت ف محطة خطا
عطشان ل جواب
سؤال ف الجوف
سراب وصروف..
تصل الرؤية القلقة إلى يقين واحد وهو الآن والهنا.. لا يقين إلا الحاضر.. اللحظة الراهنة في كامل ديمومتها التي تشبه " عودا أبديا " لكنه عود الحياة:
لا تكبليني ب الغيب
يامس وغدا
بلا معنى
إيلا محيتيني اليوم
أنا من هنا جيت
ول هنا غادي..
بهذه الرؤية التي لم تعد عادية ولا عمومية ولا شعبية، أمكن لاحميدة بلبالي أن يقطع مع بنية القصيدة الزجلية التقليدية لتشكيل ما أسميه " القصيدة الحداثية ".
تيفلت 14 يوليوز 2012شعرية القلق
عبد الحميد شوقي
ركادي من احلامه عريان
آش جا ما دفاني
ف كل ليلة
نحطب من غابة الروح
نخلي ناري تكدي
ونسافر ف زماني..
بلغة فصيحة:
رقادي عار من أحلامه
آه ما الذي سيدفئني !
في كل ليلة
أحطب من غابة الروح
أترك ناري مشتعلة
وأسافر في زماني ..
وبلغة الفكر :
ليس لي إلا العراء
وحيد في وجه العالم
حيث لا يوجد الاطمئنان
ولا أعثر في الروح
إلا على ما يبعث
على قلق السفر في الزمان ..
هكذا عندما نترجم الرؤية إلى أدوات الفكر النقدي، نجد أنفسنا فجأة خارج سياق الشعرية التقليدية. خارج بنيتها. خارج متنفَّسها. خارج أفقها. نحن أمام بنية مغايرة بعناصرها وسياقها غير المألوفين:
- بروز الذات
- القلق الوجودي
- الصراع من أجل الآتي وقتل الماضي ..
ولكي تتم الخلخلة، لا بد من عناصر جديدة تماما:
- الأسطرة في بعدها الكوني
- الغوص في عمق المسكوت عنه الأمومي كالحكايا الطفولية ولغة الأصول الأمازيغية
- الانفتاح على الممكن المعرفي للذات، من حيث أن الشاعر هنا لم يعد مجرد قوال أو نظام شعبي، بل هو بالأساس مثقف جاء من أروقة الجامعة ودهاليز المعرفة العالمة
- الوعي بالكتابة. والوعي لا يعني فقط الانطلاق من الذات، ولا يعني فقط القدرة على تطوير التجربة والأدوات الفنية والرؤية الفكرية للشاعر. الوعي يعني أن الذات أصبحت تنطلق من إدراك أن القصيدة ليست موجودة في ذاتها، ولم تعد معطى جاهزا يكفي الشاعر أن يتماهى مع عالمها الماثل أمامه لكي يكتبها. المنطلق هنا هو اللاشيء، العدم. النص هو ما سيأتي. هو ما يتجاوز لحظة الماضي الجاهز والحاضر القلق نحو المستقبل. نحو النص لذاته، حيث لا يجد الشاعر من يسعفه غير تجربته الذاتية المعيشة، حين يتحرر من قيود الضرورات المفروضة عليه بفعل الموروث وسلطة الأمس. لهذا سيرتبط النص بقلق الزمان والصراع مع الوقت واللحظة :
رميت الساعة
من شرجم الزمان
بغيت نشوف ونتيق
الوقت كيطير..
الوقت قصيف
وانا ساكن خريف ..
.......
ركبت الريح
توسدت خوايا .
..
..
مديت يدي
نقطف من طرف لساني معنى
خايف نسكت
يفوتني كلامي
قلت نهدر
خفت تهرب لمعاني ..
بهذا الوعي، يتفادى النص السقوط في الارتجال والجاهزية والعفوية والنمطية .ويدخل بوابة النص الحداثي من خلال ما يمكن أن أسميه بالجرأة البروميثية:
- الجرأة على إدخال اللغة الإثنية كمفصل أساسي داخل النص ( الأمازيغية في قصيدة " إيزوران " )
- الجرأة على توظيف الأسطورة الكونية لفرع سلطة المحلي عن النص الزجلي ( من خلال قصيدة " شمس الما " )
- الجرأة على التساؤل الفلسفي ( محطة لحماق- رماد الطين- الساعة سؤال )
- الجرأة على الثقافة الشعرية الفصيحة: استدراج تقنيات قصيدة النثر وقصيدة التفعيلة إلى النص الزجلي:
ب الشعى اللي يشيط
لونت لغياب
قبل تغيب
وكبيت الباقي ف الكاس
شربت منه ما كفاني
حتى ثقال الراس ...
- الجرأة على اللغة ذاتها: إخراج بعض المسكوكات اللغوية من سياقها التداولي لإدراجها ضمن تداولية مغايرة:
العين اللي ياكلها السراب – جمرة وهلال – ضرس لفجر..
- الجرأة على الطبيعة ذاتها: الانزياح عن نظامها العادي من أجل أنسنتها:
شافتني( الشمس ) حشمت
حتى احمارو خدودها
وغطست راسها ف الما ملي حصلت ..
هكذا نتأدى إلى نتيجة جوهرية :
- ضرب أفق المتلقي كأفق منتظر وعادي:
لم يعد المتلقي ينتظر من النص ما رسبه هو من تجارب وخبرات وانتظارت موروثة
أصبح المتلقي حائرا لأنه لم يعد ينطلق من مكتسباته هو كأساس دلالي
كل ذلك يدفعه إلى السفر وفتح هامش السؤال والحوار والتواطؤ مع النص لإنتاج مدلول مفتقد على أرض الواقع.
راس الدرب: عين حاضية
ورد ذابل
بولة طافية
وراس مقدم شاعل..
راس لغرايب: تابع لقصيدة وهي عاطياه ب الظهر
يحزر وهي زايدة ف لفشر
ملي طاحت في هواه وعول يسهر
كان عليها حق الشهر ..
هذه الرؤية الحداثية ستتجلى كذلك من خلال انفتاح النص على ثنائيات لم تعد متصارعة ومتنافرة كما هو الأمر عليه في الواقع:
الفصحى / الدارجة- العربية / الأمازيغية- المنفى في لغة الأم / المنفى في لغة الأمة- السؤال / الجواب- المحلي / الكوني- الشعبي / العالم..
هذه الثنائيات أصبحت بمثابة الجدل الداخلي الذي يقود تكون وتشكل النص ويعطيه نبض الحياة والارتباط بالمكان والتاريخ والإنسان. ولذلك ستنكسر بنية المسكوكات وترابطها اللغوي التقليدي:
سال الورقة
إيلا لمداد عليها سال
سال المعنى
الملون لبياض
راسم جمرة وهلال ( وليس كمرة وهلال )
سال لحجر
ملي حضن لخطوط
قبل ما تزيد الورقة
نبتها زهرة ف الكف
قبل ما تذبال..
....
...
وحيت السؤال اكبر مني
حتى اصبح
رغبة ف عينيك
وتلفني قطار
ركبته خطا
ونزلت ف محطة خطا
عطشان ل جواب
سؤال ف الجوف
سراب وصروف..
تصل الرؤية القلقة إلى يقين واحد وهو الآن والهنا.. لا يقين إلا الحاضر.. اللحظة الراهنة في كامل ديمومتها التي تشبه " عودا أبديا " لكنه عود الحياة:
لا تكبليني ب الغيب
يامس وغدا
بلا معنى
إيلا محيتيني اليوم
أنا من هنا جيت
ول هنا غادي..
بهذه الرؤية التي لم تعد عادية ولا عمومية ولا شعبية، أمكن لاحميدة بلبالي أن يقطع مع بنية القصيدة الزجلية التقليدية لتشكيل ما أسميه " القصيدة الحداثية ".
[u]
سفر الصمت والتأمل في تجربة الشاعر عبد الحم
سفر الصمت والتأمل في تجربة الشاعر عبد الحميد شوقي
بقلم الناقد المغربي حسن خرماز
http://www.doroob.com/?p=21859
يحافظ الصمت على مواقعيته من حيث أنه يقع قبل الكلام أو بعده.
ليس هو أصل الكلام لكنه يسبقه بالضرورة، و ليس هو مآله لكنه يأتي ما أن ينقطع الكلام، و هنا كذلك يحتاج الصمت إلى تعيين ذاته بالنسبة لمواقعية الكلام.
و عند ذلك يكون تعاقب الصوت والصمت ما يسمى الإيقاع. و ليس الإيقاع هكذا وحده بل إنه إيقاع الكلام، والكلام ليس مجرى الكلام المطلق بل كلام يتخلله صمت، وإذ ذاك تولد اللغة. واللغة و السحر و الشعر ظواهر مترادفة في حياة الانسان و متساندة . يوم أخرج الانسان فرحته الاولى اكتشف اللغة وتهيأ له اكتشاف الوجود عن طريق هذه اللغة. فالشعر هو الامتداد المستمر لتلك الفرحة الأولى وهو اكتشاف دائم لعالم الكلمة و اكتشاف للوجود عن طريق الكلمة. ومن تم كان الشعر هو الوسيلة الوحيدة لغنى اللغة وغنى الحياة على السواء.
اللغة هي حامل الوجود و مسكنه، و المحرض على مواصلة المسير لاختراق الابواب التي فتحها القلق، و أن اللقاء يتحقق حتما عند التخوم البعيدة بين الفراغ و الامتلاء أي بين ما قيل و ما يقال .
ويتميز القول عند عبد الحميد شوقي دائما بالتجدد و الاستمرار و ملاحقة حثيثة لما هو غير مكتمل، ذلك المنقلب أبدا الذي يغامر الشاعر لإدراكه في عمق الهاوية، و يعلم أن ادراك قعره مستحيل التحقق، فالواجهة مجهولة و المغامرة التي تتتالى فيها عمليتا الغوص و الانبثاق تظل، إلى كونها ناقصة، مكثفة حتى الصمت، صمت “كنت أهئ صمت الانتظار”.
الصمت المتواري خلف همس الموجودات لكنه مع ذلك مركزي لأنه يميط الحجب عن الوجود و يكشف عن طياته.
الشعر / الصمت عند عبد الحميد شوقي يحقق حيوية عالية و استطاع أن يحقق لنفسه لغة خاصة تحتوي معجمي شعريا واضح التمييز.فهو يرى يحس،وهو كذلك صادق، جريء، ينطق بالحكمة تارة و بالحب طورا، يتأمل بعيدا ببصره و بصيرته من غير أن يكون مؤرخا.
كتب عن مدينته. والمدينة الشعرية ليست هي بعينها المدينة الواقعية، فكل شاعر يصنع مدينة، و مدينته تعيش داخله، وعلى ذلك قد تتولد المدينة الموحشة شعريا من مدينة حافلة في الواقع و على العكس قد تتولد المدينة الشعرية المتلألئة بالأضواء من مدينة أطفئت أضواؤها. و مدينة عبد الحميد شوقي لا تنتمي لا للصنف الاول أو الثاني.هي مدينة لو كان بإمكان المستقرين في الفردوس أن يعودوا الى المدينة، لعادوا اليها .
عبر عنها بشعر يشبه بركة ماء، إذا رمي فيها بحجر تنشأ الدوائر و تتوسع الى أن تصل الى مدى المعنى دون أن تنكسر أو تموت.و بما أن شعره ولد عاشقا في سهول الربيع /النشأة. و من النشأة ينبجس السؤال الأول من الذاكرة كما الماء من بين الصخور صافيا مصقولا شفافا، يقوده /يقودنا لاقتراف غواية الحنين عبر الذكريات. و ما الذكريات في النهاية غير ما يجعل روحه/ روحنا مأوى”تماما كمدينته /مدينتنا التي تعيده و تعيدنا إليها ليس باعتبارها ملجأ لذكرياته /ذكرياتنا فقط بل و ملجأ لما نسيه/نسيناه أيضا و لذلك فهي في داخله/داخلنا بنفس القدر الذي نعبر به عنها و تقوده و إيانا الى دواخلنا بذاتها أولا ثم بذوات أهلها و بيوتها وشوارعها و ازقتها ثانيا…
والتذكر يستدعي جهدا، لذلك استعان بصبر الصياد و تحمله ففي قصيدته “بلدة تشبه انتظاري” يقول:
كنت تجلسين قربي
وأنا أصطاد السمك
و في قصيدة ” مشاهد هديانية من مدينة منسية ” من ديوانه “كنت أهيئ صمت الانتظار” الصادر سنة 2009 يقول:
تلك البلدة
كأم غائبه أضمها
أعصر ثديها
لعلي أطل على
شرفة الولادة الهاربه..
فيعلن عن مدينته الأم و عن ولادتها و عن موقعها في جغرافيا الشعر، حيث يقول:
في الليل البعيد
في الظلام السرمدي البعيد
قبل مائة سنة
أيام النزوح الأكبر
ولدت على
حرش ضاج بالصمت و المطر
(قصيدة: بلدة تشبه انتظاري)
و يقول:
تلك البلدة الممتدة أمامي
على الطريق السهلي
البلدة النائمة بين أحراش نبضي
على حدود التقاطع
بين الساحل و سهوب الغرب
و دفاتر الكتابات الأولى..
و مدينة الشاعر عبد الحميد شوقي مدينة العبور، عبور من المركز إلى المركز و من المركز إلى الهامش، حيث تتجمع قبائل زمور التي عرفت و تعرف بنضالاتها ضد المخزن و الاستعمار و ضد الفقر و الجوع. لهذا غرست فيها ثكنات عسكرية كمثيلاتها من المدن المناضلة .
يقول الشاعر:
قوافل مرت
رُحَّل عبروا
ثكنة انبثت….
و الثكنات تصاحبها مرافق اللهو و الترفيه و أوكار الدعارة:
عابر يخفي زوادته
يسأل عن خان للمبيت
و أنت تفتحين يديك
تحضنين الغرباء…الوافدين …الباحثين عن الحظ
عن المال….عن بيوت الغوافي
نستشف من هذا المقطع و مقاطع أخرى مبثوتة في ديوان الشاعر ع. شوقي “كنت أهيء صمت الانتظار”،أنه يقول لا مثلما قال إميل حبيبي في مقدمته للسداسية :” إني أحترف السياسة وأتذوق الأدب فأسند الواحد بالآخر”
إنما يحترف ع .شوقي الكتابة، وله رؤية شعرية استوت على ناريْ المعرفة والتجربة .
في كتاباته الشعرية، لا نرى الانفصام بين ع .شوقي الحداثي و عبد الحميد شوقي الشاعر. فهو حاضر في هذه الأعمال كموقف و موهبة و تملك مدهش لللغة.
و يدرك تماما أين تبدأ شخصيته ككاتب، و أين تبدأ شخصيته السياسية، و يعرف كيف يميز بينهما دون أن يخضع إحداهما للأخرى، و أن يحافظ على التوازن القلق بأعصاب هادئة، كي لا يقوده ذلك إلى الانتحار كما قاد (ماياكوفسكي).
يقول الشاعر:
و تكبر المدينة..
يمر هنا يهودي تائه
يموت إفرنجي من لسعة الغرابة..
كأنه يقول، عبر تاريخها القصير، أن تيفلت انبثت كفطر غير منتظر…حولتْ حقول الفلفل الفسيحة إلى جذر اشتقت منه اسمها. و أصرت في غفلة من المركز المتبجح أن تنجب الرجال ..أن تلد الحياة..أن تكون مساحة حليمة للتسامح…و هو يعلم أنه:يفترض أن يبقى المعتقد، أي معتقد، في إطار الحرية الشخصية. و حين يتوجه إلى الآخرين يفترض أن يبقى في نطاق القيم الأخلاقية. أما إذا تحول إلى عمل سياسي، فسيصبح عندئذ ذريعة لسلب كرامة الإنسان وإرغامه على الامتثال كما يصبح وسيلة لقهر الآخرين و تبريرا لاستغلالهم في الكثير من الأحيان.
يعرف أن احتكار السلطة يهمش دون هوادة المبدعين و كل محاولة تنطلق من هؤلاء و تستهدف السيطرة على الواقع أو نزع القناع عنه أو ممارسة خطاب نقدي مستقل تعد ضربا من الفتنة و خطرا محدقا بالتوازنات الأساسية.
إذا كان الزمان هو الوجه الآخر للمكان و الدال عليه في معادلة يصح عكسها أيضا، فإن الشاعر يقول:
في البار القريب من الحي
أشرب براندي
أمازح راقصة شبه عارية
أنساك
ينفت الرواد سجائرهم
ينام السكارى على مقاعدهم
أحاول أن أنساك
لا أنساك..
فإذا كان من أنبت هذه الحانات في مدينته، غايته التخدير و جعل أهلها كائنات لا تعقل، فالشاعر جعل منها مكانا للفرح. وكم يعاوننا الشعراء في اكتشاف الفرح الذي في دواخلنا –أن يجعل منها مكانا للتأمل والتذكر والنسيان، نسيان ما تعج به المدينة من مظاهر الفقر و التهميش و الإهمال حتى أصبحت مدينة للمتقاعدين.
و تذكر يوم كتب أول خطاب راعش لبنت صامتة في القسم ،يحرضها ألا تنظر في وجه المدرس المتجهم.فالقسم هو مجال لإعادة إنتاج و تجديد الإيديولوجيا السائدة، والأستاذ رمز للسلطة، و التلميذ المشاكس العاشق رمز للمثقف الثائر و ممثل أقلية. أما الأغلبية فلا تستطيع أن تنكر أن الصلاة وراء علي، أتوب وأن الأكل على مائدة معاوية أدسم و أنهم يفعلون ذلك.
إن لغة الشاعر عبد الحميد شوقي تشبه نهرا دفينا يبحث عن المكان المناسب الذي يمكن أن تنبع منه كلمات تعمل في صمت، لتلهب هذه الشرارة الإنسانية، هذا الأمل كمثال للبساطة العبقرية و تجسيد حي للتواضع الجم.إن الجمل الشعرية في الديوان هي جمل قصيرة، لا ترهق المتلقي، ولا تتعسف عليه، وهي تدعوه باستمرار للسفر والتأمل.
يجذبنا الشاعر نحو الأنفاس المحترقة و الابتسامات الحقيقية. حلمه أكثر من حلم الزهرة بالمستقبل و هي ما تزال محتواة و مطوية داخل بذرتها.و كم يحب أن يرى السعادة و ما يسبقها في مدينته.لكأنه يقول:
اشربوا جرعة ماء مبارك من مياه مدينتي لعلكم تسكنون كريات دمي/دمها و امكثوا و لا تتركوا ترابي يابسا.. بللوه باصوات الراحلين و أصوات القادمين.
بقلم الناقد المغربي حسن خرماز
http://www.doroob.com/?p=21859
يحافظ الصمت على مواقعيته من حيث أنه يقع قبل الكلام أو بعده.
ليس هو أصل الكلام لكنه يسبقه بالضرورة، و ليس هو مآله لكنه يأتي ما أن ينقطع الكلام، و هنا كذلك يحتاج الصمت إلى تعيين ذاته بالنسبة لمواقعية الكلام.
و عند ذلك يكون تعاقب الصوت والصمت ما يسمى الإيقاع. و ليس الإيقاع هكذا وحده بل إنه إيقاع الكلام، والكلام ليس مجرى الكلام المطلق بل كلام يتخلله صمت، وإذ ذاك تولد اللغة. واللغة و السحر و الشعر ظواهر مترادفة في حياة الانسان و متساندة . يوم أخرج الانسان فرحته الاولى اكتشف اللغة وتهيأ له اكتشاف الوجود عن طريق هذه اللغة. فالشعر هو الامتداد المستمر لتلك الفرحة الأولى وهو اكتشاف دائم لعالم الكلمة و اكتشاف للوجود عن طريق الكلمة. ومن تم كان الشعر هو الوسيلة الوحيدة لغنى اللغة وغنى الحياة على السواء.
اللغة هي حامل الوجود و مسكنه، و المحرض على مواصلة المسير لاختراق الابواب التي فتحها القلق، و أن اللقاء يتحقق حتما عند التخوم البعيدة بين الفراغ و الامتلاء أي بين ما قيل و ما يقال .
ويتميز القول عند عبد الحميد شوقي دائما بالتجدد و الاستمرار و ملاحقة حثيثة لما هو غير مكتمل، ذلك المنقلب أبدا الذي يغامر الشاعر لإدراكه في عمق الهاوية، و يعلم أن ادراك قعره مستحيل التحقق، فالواجهة مجهولة و المغامرة التي تتتالى فيها عمليتا الغوص و الانبثاق تظل، إلى كونها ناقصة، مكثفة حتى الصمت، صمت “كنت أهئ صمت الانتظار”.
الصمت المتواري خلف همس الموجودات لكنه مع ذلك مركزي لأنه يميط الحجب عن الوجود و يكشف عن طياته.
الشعر / الصمت عند عبد الحميد شوقي يحقق حيوية عالية و استطاع أن يحقق لنفسه لغة خاصة تحتوي معجمي شعريا واضح التمييز.فهو يرى يحس،وهو كذلك صادق، جريء، ينطق بالحكمة تارة و بالحب طورا، يتأمل بعيدا ببصره و بصيرته من غير أن يكون مؤرخا.
كتب عن مدينته. والمدينة الشعرية ليست هي بعينها المدينة الواقعية، فكل شاعر يصنع مدينة، و مدينته تعيش داخله، وعلى ذلك قد تتولد المدينة الموحشة شعريا من مدينة حافلة في الواقع و على العكس قد تتولد المدينة الشعرية المتلألئة بالأضواء من مدينة أطفئت أضواؤها. و مدينة عبد الحميد شوقي لا تنتمي لا للصنف الاول أو الثاني.هي مدينة لو كان بإمكان المستقرين في الفردوس أن يعودوا الى المدينة، لعادوا اليها .
عبر عنها بشعر يشبه بركة ماء، إذا رمي فيها بحجر تنشأ الدوائر و تتوسع الى أن تصل الى مدى المعنى دون أن تنكسر أو تموت.و بما أن شعره ولد عاشقا في سهول الربيع /النشأة. و من النشأة ينبجس السؤال الأول من الذاكرة كما الماء من بين الصخور صافيا مصقولا شفافا، يقوده /يقودنا لاقتراف غواية الحنين عبر الذكريات. و ما الذكريات في النهاية غير ما يجعل روحه/ روحنا مأوى”تماما كمدينته /مدينتنا التي تعيده و تعيدنا إليها ليس باعتبارها ملجأ لذكرياته /ذكرياتنا فقط بل و ملجأ لما نسيه/نسيناه أيضا و لذلك فهي في داخله/داخلنا بنفس القدر الذي نعبر به عنها و تقوده و إيانا الى دواخلنا بذاتها أولا ثم بذوات أهلها و بيوتها وشوارعها و ازقتها ثانيا…
والتذكر يستدعي جهدا، لذلك استعان بصبر الصياد و تحمله ففي قصيدته “بلدة تشبه انتظاري” يقول:
كنت تجلسين قربي
وأنا أصطاد السمك
و في قصيدة ” مشاهد هديانية من مدينة منسية ” من ديوانه “كنت أهيئ صمت الانتظار” الصادر سنة 2009 يقول:
تلك البلدة
كأم غائبه أضمها
أعصر ثديها
لعلي أطل على
شرفة الولادة الهاربه..
فيعلن عن مدينته الأم و عن ولادتها و عن موقعها في جغرافيا الشعر، حيث يقول:
في الليل البعيد
في الظلام السرمدي البعيد
قبل مائة سنة
أيام النزوح الأكبر
ولدت على
حرش ضاج بالصمت و المطر
(قصيدة: بلدة تشبه انتظاري)
و يقول:
تلك البلدة الممتدة أمامي
على الطريق السهلي
البلدة النائمة بين أحراش نبضي
على حدود التقاطع
بين الساحل و سهوب الغرب
و دفاتر الكتابات الأولى..
و مدينة الشاعر عبد الحميد شوقي مدينة العبور، عبور من المركز إلى المركز و من المركز إلى الهامش، حيث تتجمع قبائل زمور التي عرفت و تعرف بنضالاتها ضد المخزن و الاستعمار و ضد الفقر و الجوع. لهذا غرست فيها ثكنات عسكرية كمثيلاتها من المدن المناضلة .
يقول الشاعر:
قوافل مرت
رُحَّل عبروا
ثكنة انبثت….
و الثكنات تصاحبها مرافق اللهو و الترفيه و أوكار الدعارة:
عابر يخفي زوادته
يسأل عن خان للمبيت
و أنت تفتحين يديك
تحضنين الغرباء…الوافدين …الباحثين عن الحظ
عن المال….عن بيوت الغوافي
نستشف من هذا المقطع و مقاطع أخرى مبثوتة في ديوان الشاعر ع. شوقي “كنت أهيء صمت الانتظار”،أنه يقول لا مثلما قال إميل حبيبي في مقدمته للسداسية :” إني أحترف السياسة وأتذوق الأدب فأسند الواحد بالآخر”
إنما يحترف ع .شوقي الكتابة، وله رؤية شعرية استوت على ناريْ المعرفة والتجربة .
في كتاباته الشعرية، لا نرى الانفصام بين ع .شوقي الحداثي و عبد الحميد شوقي الشاعر. فهو حاضر في هذه الأعمال كموقف و موهبة و تملك مدهش لللغة.
و يدرك تماما أين تبدأ شخصيته ككاتب، و أين تبدأ شخصيته السياسية، و يعرف كيف يميز بينهما دون أن يخضع إحداهما للأخرى، و أن يحافظ على التوازن القلق بأعصاب هادئة، كي لا يقوده ذلك إلى الانتحار كما قاد (ماياكوفسكي).
يقول الشاعر:
و تكبر المدينة..
يمر هنا يهودي تائه
يموت إفرنجي من لسعة الغرابة..
كأنه يقول، عبر تاريخها القصير، أن تيفلت انبثت كفطر غير منتظر…حولتْ حقول الفلفل الفسيحة إلى جذر اشتقت منه اسمها. و أصرت في غفلة من المركز المتبجح أن تنجب الرجال ..أن تلد الحياة..أن تكون مساحة حليمة للتسامح…و هو يعلم أنه:يفترض أن يبقى المعتقد، أي معتقد، في إطار الحرية الشخصية. و حين يتوجه إلى الآخرين يفترض أن يبقى في نطاق القيم الأخلاقية. أما إذا تحول إلى عمل سياسي، فسيصبح عندئذ ذريعة لسلب كرامة الإنسان وإرغامه على الامتثال كما يصبح وسيلة لقهر الآخرين و تبريرا لاستغلالهم في الكثير من الأحيان.
يعرف أن احتكار السلطة يهمش دون هوادة المبدعين و كل محاولة تنطلق من هؤلاء و تستهدف السيطرة على الواقع أو نزع القناع عنه أو ممارسة خطاب نقدي مستقل تعد ضربا من الفتنة و خطرا محدقا بالتوازنات الأساسية.
إذا كان الزمان هو الوجه الآخر للمكان و الدال عليه في معادلة يصح عكسها أيضا، فإن الشاعر يقول:
في البار القريب من الحي
أشرب براندي
أمازح راقصة شبه عارية
أنساك
ينفت الرواد سجائرهم
ينام السكارى على مقاعدهم
أحاول أن أنساك
لا أنساك..
فإذا كان من أنبت هذه الحانات في مدينته، غايته التخدير و جعل أهلها كائنات لا تعقل، فالشاعر جعل منها مكانا للفرح. وكم يعاوننا الشعراء في اكتشاف الفرح الذي في دواخلنا –أن يجعل منها مكانا للتأمل والتذكر والنسيان، نسيان ما تعج به المدينة من مظاهر الفقر و التهميش و الإهمال حتى أصبحت مدينة للمتقاعدين.
و تذكر يوم كتب أول خطاب راعش لبنت صامتة في القسم ،يحرضها ألا تنظر في وجه المدرس المتجهم.فالقسم هو مجال لإعادة إنتاج و تجديد الإيديولوجيا السائدة، والأستاذ رمز للسلطة، و التلميذ المشاكس العاشق رمز للمثقف الثائر و ممثل أقلية. أما الأغلبية فلا تستطيع أن تنكر أن الصلاة وراء علي، أتوب وأن الأكل على مائدة معاوية أدسم و أنهم يفعلون ذلك.
إن لغة الشاعر عبد الحميد شوقي تشبه نهرا دفينا يبحث عن المكان المناسب الذي يمكن أن تنبع منه كلمات تعمل في صمت، لتلهب هذه الشرارة الإنسانية، هذا الأمل كمثال للبساطة العبقرية و تجسيد حي للتواضع الجم.إن الجمل الشعرية في الديوان هي جمل قصيرة، لا ترهق المتلقي، ولا تتعسف عليه، وهي تدعوه باستمرار للسفر والتأمل.
يجذبنا الشاعر نحو الأنفاس المحترقة و الابتسامات الحقيقية. حلمه أكثر من حلم الزهرة بالمستقبل و هي ما تزال محتواة و مطوية داخل بذرتها.و كم يحب أن يرى السعادة و ما يسبقها في مدينته.لكأنه يقول:
اشربوا جرعة ماء مبارك من مياه مدينتي لعلكم تسكنون كريات دمي/دمها و امكثوا و لا تتركوا ترابي يابسا.. بللوه باصوات الراحلين و أصوات القادمين.
Sujets similaires
» Abdelhamid Chaouki Traduit par Aziza Rahmouni
» juifs andalous
» Elannaz Mohamed poète marocain
» traduction d'un poème du feu poète marocain Abdellah Raje3
» rap marocain
» juifs andalous
» Elannaz Mohamed poète marocain
» traduction d'un poème du feu poète marocain Abdellah Raje3
» rap marocain
Page 1 sur 1
Permission de ce forum:
Vous ne pouvez pas répondre aux sujets dans ce forum