احميدة بلبالي وفن الزجل المغربي
Page 1 sur 1
احميدة بلبالي وفن الزجل المغربي
http://montada-zajalmaghrib.ahlamontada.com/t1032-topic
http://www.m3arej.com/2010-10-18-14-58-06/%D9%85%D9%80%D8%AA%D9%80%D9%80%D9%86%D9%80%D9%88%D8%B9%D9%80%D8%A7%D8%AA/7140-%D8%B9%D8%B2%D9%8A%D8%B2%D8%A9-%D8%B1%D8%AD%D9%85%D9%88%D9%86%D9%8A.html
الحوار مع مبدع يصهر الشمس في الماء، سَفر شاعريّ يقترب بعيدا و يرسُم خرائط للّغة خارج الجغرافيا... يفتح حدائق للحرف داخل الوجدان ، ويوقظ المزامير لتغني الحياة...كلما افترش قراطيسه، طاب للمداد ارجافات وارفة و دِنان عتّقتها المسافات بالحنين... شاعرنا الزجال حميدة بلبالي، يكتشف لنا بعضا من نبضه فيما يلي:
الأستاذ احميدة بلبالي عَلَم في الزجل المغربي...نودّ الغوص معه في أعماق قلبه لنعرفه أكثر عن قرب..فهل يسمح لنا بهذه الإطلالة ؟
مرحبا الصديقة الإعلامية عزيزة سوزان رحموني على هذه الدعوة . أتمنى أن أنير بعض الجوانب في التجربة الزجلية التي أشتغل عليها.
"لسان الجمر" و شون الخاطر" من بواكير الشاعر...من أي نبع استقى لهيب حرفه و ترانيم وبوحه ؟ عادة ما تكون بداية المبدع مُبكرة وتكون المواضيع غالبا تهم مشاكل وأحاسيس المراهقة (العاطفية والسياسية ) وأسئلة اليومي المعيش ( الغلاء/الأخلاق/ الحب/ الحكمة والنصيحة....الخ). أما أنا فجئت للكتابة الزجلية في سن متأخرة ، جئت من مجالات أخرى( التنشيط السنمائي ضمن الجامعة الوطنية للأندية السينمائية/العمل الحقوقي والنقابي/ الفعل الجمعوي الإجتماعي) محملا بهذا الزاد المتنوع اقتحمت الكتابة الزجلية . كانت البداية تعبيرا على زمن الرصاص وتجربة التناوب التي خلخلت وضعا سياسيا مريحا (في أسئلته أعني) فيه أبيض( ما اصطلحنا عليه بالعام زين) أو أسود ( خطاب المعارضة اليسارية ) ستتوالد أسئلة جديدة مقلقة وتكبر أوهام التغيير . في هذه الأجواء السياسية ولدت تجربة " لسان الجمر" الذي أصدرته في سنة 2004.
بعد هذه التجربة سأتعرف على الحقل الزجلي أكثر وسأهتم بقضايا القصيدة الزجلية وأطلع على تجارب مهمة ونقاشات مصاحبة للتجربة وأساسا الإطلاع على الفكر النقدي سيعمق اهتمامي بمقومات القصيدة ووظيفة الشعر. من هنا بداية البحث على توازن بين الشكل والمضمون ومحاولة الإهتمام باللغة وخلق جمالية ما هكذا سيولد المولود الثاني: " الرحيل ف شون الخاطر" سنة 2009 ستتعمق الرؤية الفنية من خلال الاحتكاك بشعراء ونقاد بمدينة تيفلت ( خاصة الشاعر عبد الحميد شوقي والناقد محمد رمصيص ) وتبدأ تتشكل رؤية تتجاوز المحلي إلى الإنساني إلى النهل من الفكر الفلسفي والأسطورة مع ترك رجل أخرى على المحكي الشعبي والأقنعة ويزداد مولودي الثالث في هيئة أخرى تحت عنوان : " شمس الما" سنة 2010
كيف يلون الشاعر بلبالي مواضيعه ؟
المواضيع عادة هي التي تفرض لونها تأتي هكذا بكل ثقلها والشاعر يتأثر بها ويؤثر فيها وتبدأ لعبت التجاوز المتبادل تفاعل وانفعال وهي نتيجة إحساس الشاعر بذلك الموضوع سلبا أو ايجابا ليمنح كتابة تنتقد أو تحلم أو تفتح آفاقا قادمة والشاعر الذي يشعر بمسؤولية الكتابة لا يلون مواضيعه بنفس اللون ولو كان المضمون بنفس القيم أو المواقف . إنه يجرب ويحاول ، يلعب لعبة التجاوز الذاتي للرقي بكتاباته.
بالنسبة لي كانت تجربة " لسان الجمر" كما يدل على ذلك العنوان يغلب عليها الجانب الإيديولوجي ( سنوات الرصاص/ وهم التناوب/الديموقراطية الشكلية/ حقوق الإنسان ....الخ) مما جعل المضمون غالبا على الفنية في الكتابة. طبعا الوضع كان يتطلب ذلك وكل الذين عايشوا نفس الفترة كانت كتاباتهم على هذا النحو تقريبا وهي فترة كان الغالب عليها هو الصوت الجماعي / المواقف/الشاعر العارف و الناصح / الناقد اللاذع للسائد والواقعية المباشرة أو الواقعية الرومانسية على أبعد تقدير .
في المرحلة الثانية سيبدأ سؤال الذات يطرح نفسه بعد أن تحررت هذه الذات من الصوت الجماعي وأفرغت ما سكنها في "لسان الجمر" مرحلة سيتم البحث فيها عن توازن بين الأنا والأخر ( الذات تتفاعل /تقلص الهوة بينها وبين القصيدة / تحاول أن تقول أولا الجمال وهي تطرح قضاياها آمالها انكسارها ) ويبدأ الانتقال التدريجي عكس البداية من الذات نحو الجماعة تبرز الذات بهمومها وتنقُلها للجماعة وفق جدلية ذات/جماعة ويزداد الاهتمام باللغة وبالبحث عن شعرية القصيدة . هكذا ستحاول قصائد " الرحيل ف شون الخاطر " أن تكون.وهي كما يدل عليها العنوان سفر في الذات ، في شؤونها ،لذا سيحتل الاهتمام بتفاصيل جسد القصائد حيزا جديد في انشغالي واشتغالي.
في المرحلة الثالثة سيتحول الرهان إلى معانقة الإنساني في الذات ( الفكر الفلسفي/ الأسطورة/ قيم الحداثة......الخ) محاولة إيجاد مكانة للقصيدة الزجلية جوار الفصحى في علاقة تكاملية وليس تفاضلية . رهان البحث عن أجوبة القصيدة الحداثية في الزجل ( لغة/ مخيال/ قضايا/الجمالية/ الذات / ....الخ) رهان أترك للباحثين والنقاد الوقوف على مدى التفوق فيه نسبيا .المهم أني وعيته وعملت عليه، هكذا سيولد ديوان "شمس الما " . الزجل مرجع لا محيد عنه في الادب المغربي و في بلدنا أسماء وازنة لكن هل هناك خَلَف قادر على حمل المشعل؟
أنا أؤمن أن لكل زمن رجالاته وأن القادم دائما هو العصر الذهبي. لذا لا خوف على إبداع كيف ما كان . ثم أنه من خلال تتبعي للحقل الزجلي أنا مطمئن على الأصوات الشابة المتواجدة والتي تكتب بوعي ومن بينها طاقات اكاديمية حتى. تكتب أساسا في التوجه الذي تنحوه التجربة الزجلية الحداثية . شباب يعملون بدون نقص على مقولة "قتل الأب" بامتياز . هل كل الزجل فن شعري يصلح للإنشاد و الغناء ؟
الإلقاء إنشاد ، بهذا المعنى يكون مكونا مهما في تقديم القصيدة للمستمع وكل شاعر يحاول أن يقدم منتوجه في حلة صوتية مقبولة . بالنسبة للغناء فإن انتقال الزجل من الشفهي للمكتوب مكن القصيدة من التحرر من الغناء وأصبحت لها هوية خاصة خارج أي مؤثر ، تسكن دواوينها وتهتم بغنائيتها وشعريتها وتنتظر موسيقيا متمكنا ليزوجها للموسيقى لتولد أغنية جميلة كما فعل مارسيل خليفة مع دروويش.
مع الأسف الموسيقيون يكتفون بكلمات الأغاني والتي تميل للنظم أكثر منه للشعر و تُبرِز موسيقاها الخارجية وتحمل لحنها البسيط وصورا شعرية بسيطة ، بينما القصيدة الزجلية الحداثية تحمل غنائيتها الداخلية وموسيقاها في صورها الشعرية وانزياحاتها المركبة التي لم يتعود الموسيقي عليها بعد . هل يغرف بلبالي تيماته من التراث بما أن الزجل زخم يختزل مقومات الثقافة المحلية ؟
الزجل شعر وككل الكتابات الشعرية فإنه يغرف من محيطه الثقافي واعتبارا كون اللغة الدارجة لها حمولة تراثية فإن الكتابات الزجلية لا مفر لها من التعامل مع التراث كحمولة للغة أولا وكجزء من هويتنا الثقافية ، غير أن التجربة التي أشتغل عليها تعتبر التراث رافد من الروافد المهمة وخاصة الجوانب المشرقة فيه ، ولكن في علاقة حوارية مع روافد أخرى عصرية وحداثية (قيم كونية) وتفاعله معها لإنتاج لون عصرنا وهكذا يكون التراث مادة تنصهر مع مواد اخرى في عمليات كيماوية فنية تعطينا قصيدة عصرية تحمل الماضي وتنفتح على المستقبل. التشبث بالتراث دون الفعل فيه لن ينتج إلا الماضي وأنا في رحلة البحث عن لغة للمستقبل في الكتابة الزجلية أبحث عن العلاقة الكيماوية الملائمة بين التراث والقيم الكونية المعاصرة
http://www.m3arej.com/2010-10-18-14-58-06/%D9%85%D9%80%D8%AA%D9%80%D9%80%D9%86%D9%80%D9%88%D8%B9%D9%80%D8%A7%D8%AA/7140-%D8%B9%D8%B2%D9%8A%D8%B2%D8%A9-%D8%B1%D8%AD%D9%85%D9%88%D9%86%D9%8A.html
الحوار مع مبدع يصهر الشمس في الماء، سَفر شاعريّ يقترب بعيدا و يرسُم خرائط للّغة خارج الجغرافيا... يفتح حدائق للحرف داخل الوجدان ، ويوقظ المزامير لتغني الحياة...كلما افترش قراطيسه، طاب للمداد ارجافات وارفة و دِنان عتّقتها المسافات بالحنين... شاعرنا الزجال حميدة بلبالي، يكتشف لنا بعضا من نبضه فيما يلي:
الأستاذ احميدة بلبالي عَلَم في الزجل المغربي...نودّ الغوص معه في أعماق قلبه لنعرفه أكثر عن قرب..فهل يسمح لنا بهذه الإطلالة ؟
مرحبا الصديقة الإعلامية عزيزة سوزان رحموني على هذه الدعوة . أتمنى أن أنير بعض الجوانب في التجربة الزجلية التي أشتغل عليها.
"لسان الجمر" و شون الخاطر" من بواكير الشاعر...من أي نبع استقى لهيب حرفه و ترانيم وبوحه ؟ عادة ما تكون بداية المبدع مُبكرة وتكون المواضيع غالبا تهم مشاكل وأحاسيس المراهقة (العاطفية والسياسية ) وأسئلة اليومي المعيش ( الغلاء/الأخلاق/ الحب/ الحكمة والنصيحة....الخ). أما أنا فجئت للكتابة الزجلية في سن متأخرة ، جئت من مجالات أخرى( التنشيط السنمائي ضمن الجامعة الوطنية للأندية السينمائية/العمل الحقوقي والنقابي/ الفعل الجمعوي الإجتماعي) محملا بهذا الزاد المتنوع اقتحمت الكتابة الزجلية . كانت البداية تعبيرا على زمن الرصاص وتجربة التناوب التي خلخلت وضعا سياسيا مريحا (في أسئلته أعني) فيه أبيض( ما اصطلحنا عليه بالعام زين) أو أسود ( خطاب المعارضة اليسارية ) ستتوالد أسئلة جديدة مقلقة وتكبر أوهام التغيير . في هذه الأجواء السياسية ولدت تجربة " لسان الجمر" الذي أصدرته في سنة 2004.
بعد هذه التجربة سأتعرف على الحقل الزجلي أكثر وسأهتم بقضايا القصيدة الزجلية وأطلع على تجارب مهمة ونقاشات مصاحبة للتجربة وأساسا الإطلاع على الفكر النقدي سيعمق اهتمامي بمقومات القصيدة ووظيفة الشعر. من هنا بداية البحث على توازن بين الشكل والمضمون ومحاولة الإهتمام باللغة وخلق جمالية ما هكذا سيولد المولود الثاني: " الرحيل ف شون الخاطر" سنة 2009 ستتعمق الرؤية الفنية من خلال الاحتكاك بشعراء ونقاد بمدينة تيفلت ( خاصة الشاعر عبد الحميد شوقي والناقد محمد رمصيص ) وتبدأ تتشكل رؤية تتجاوز المحلي إلى الإنساني إلى النهل من الفكر الفلسفي والأسطورة مع ترك رجل أخرى على المحكي الشعبي والأقنعة ويزداد مولودي الثالث في هيئة أخرى تحت عنوان : " شمس الما" سنة 2010
كيف يلون الشاعر بلبالي مواضيعه ؟
المواضيع عادة هي التي تفرض لونها تأتي هكذا بكل ثقلها والشاعر يتأثر بها ويؤثر فيها وتبدأ لعبت التجاوز المتبادل تفاعل وانفعال وهي نتيجة إحساس الشاعر بذلك الموضوع سلبا أو ايجابا ليمنح كتابة تنتقد أو تحلم أو تفتح آفاقا قادمة والشاعر الذي يشعر بمسؤولية الكتابة لا يلون مواضيعه بنفس اللون ولو كان المضمون بنفس القيم أو المواقف . إنه يجرب ويحاول ، يلعب لعبة التجاوز الذاتي للرقي بكتاباته.
بالنسبة لي كانت تجربة " لسان الجمر" كما يدل على ذلك العنوان يغلب عليها الجانب الإيديولوجي ( سنوات الرصاص/ وهم التناوب/الديموقراطية الشكلية/ حقوق الإنسان ....الخ) مما جعل المضمون غالبا على الفنية في الكتابة. طبعا الوضع كان يتطلب ذلك وكل الذين عايشوا نفس الفترة كانت كتاباتهم على هذا النحو تقريبا وهي فترة كان الغالب عليها هو الصوت الجماعي / المواقف/الشاعر العارف و الناصح / الناقد اللاذع للسائد والواقعية المباشرة أو الواقعية الرومانسية على أبعد تقدير .
في المرحلة الثانية سيبدأ سؤال الذات يطرح نفسه بعد أن تحررت هذه الذات من الصوت الجماعي وأفرغت ما سكنها في "لسان الجمر" مرحلة سيتم البحث فيها عن توازن بين الأنا والأخر ( الذات تتفاعل /تقلص الهوة بينها وبين القصيدة / تحاول أن تقول أولا الجمال وهي تطرح قضاياها آمالها انكسارها ) ويبدأ الانتقال التدريجي عكس البداية من الذات نحو الجماعة تبرز الذات بهمومها وتنقُلها للجماعة وفق جدلية ذات/جماعة ويزداد الاهتمام باللغة وبالبحث عن شعرية القصيدة . هكذا ستحاول قصائد " الرحيل ف شون الخاطر " أن تكون.وهي كما يدل عليها العنوان سفر في الذات ، في شؤونها ،لذا سيحتل الاهتمام بتفاصيل جسد القصائد حيزا جديد في انشغالي واشتغالي.
في المرحلة الثالثة سيتحول الرهان إلى معانقة الإنساني في الذات ( الفكر الفلسفي/ الأسطورة/ قيم الحداثة......الخ) محاولة إيجاد مكانة للقصيدة الزجلية جوار الفصحى في علاقة تكاملية وليس تفاضلية . رهان البحث عن أجوبة القصيدة الحداثية في الزجل ( لغة/ مخيال/ قضايا/الجمالية/ الذات / ....الخ) رهان أترك للباحثين والنقاد الوقوف على مدى التفوق فيه نسبيا .المهم أني وعيته وعملت عليه، هكذا سيولد ديوان "شمس الما " . الزجل مرجع لا محيد عنه في الادب المغربي و في بلدنا أسماء وازنة لكن هل هناك خَلَف قادر على حمل المشعل؟
أنا أؤمن أن لكل زمن رجالاته وأن القادم دائما هو العصر الذهبي. لذا لا خوف على إبداع كيف ما كان . ثم أنه من خلال تتبعي للحقل الزجلي أنا مطمئن على الأصوات الشابة المتواجدة والتي تكتب بوعي ومن بينها طاقات اكاديمية حتى. تكتب أساسا في التوجه الذي تنحوه التجربة الزجلية الحداثية . شباب يعملون بدون نقص على مقولة "قتل الأب" بامتياز . هل كل الزجل فن شعري يصلح للإنشاد و الغناء ؟
الإلقاء إنشاد ، بهذا المعنى يكون مكونا مهما في تقديم القصيدة للمستمع وكل شاعر يحاول أن يقدم منتوجه في حلة صوتية مقبولة . بالنسبة للغناء فإن انتقال الزجل من الشفهي للمكتوب مكن القصيدة من التحرر من الغناء وأصبحت لها هوية خاصة خارج أي مؤثر ، تسكن دواوينها وتهتم بغنائيتها وشعريتها وتنتظر موسيقيا متمكنا ليزوجها للموسيقى لتولد أغنية جميلة كما فعل مارسيل خليفة مع دروويش.
مع الأسف الموسيقيون يكتفون بكلمات الأغاني والتي تميل للنظم أكثر منه للشعر و تُبرِز موسيقاها الخارجية وتحمل لحنها البسيط وصورا شعرية بسيطة ، بينما القصيدة الزجلية الحداثية تحمل غنائيتها الداخلية وموسيقاها في صورها الشعرية وانزياحاتها المركبة التي لم يتعود الموسيقي عليها بعد . هل يغرف بلبالي تيماته من التراث بما أن الزجل زخم يختزل مقومات الثقافة المحلية ؟
الزجل شعر وككل الكتابات الشعرية فإنه يغرف من محيطه الثقافي واعتبارا كون اللغة الدارجة لها حمولة تراثية فإن الكتابات الزجلية لا مفر لها من التعامل مع التراث كحمولة للغة أولا وكجزء من هويتنا الثقافية ، غير أن التجربة التي أشتغل عليها تعتبر التراث رافد من الروافد المهمة وخاصة الجوانب المشرقة فيه ، ولكن في علاقة حوارية مع روافد أخرى عصرية وحداثية (قيم كونية) وتفاعله معها لإنتاج لون عصرنا وهكذا يكون التراث مادة تنصهر مع مواد اخرى في عمليات كيماوية فنية تعطينا قصيدة عصرية تحمل الماضي وتنفتح على المستقبل. التشبث بالتراث دون الفعل فيه لن ينتج إلا الماضي وأنا في رحلة البحث عن لغة للمستقبل في الكتابة الزجلية أبحث عن العلاقة الكيماوية الملائمة بين التراث والقيم الكونية المعاصرة
Re: احميدة بلبالي وفن الزجل المغربي
تطعيم الزجل بين العامية و الفصحى هل هو في صالح القصيدة الزجلية ؟
و هل العامية كأداة تحتاج الى سند لترقى بمضمون القصيدة ؟ إشكالية اللغة في الكتابة الزجلية من بين القضايا الحالية التي نخوض فيها في كل لقاءاتنا الزجلية. ما هي الحدود الفاصلة بين مصطلح دارجي أو فصيح ؟ الدارجة في المغرب لها أذنان " جوج وذنين" أذن والدينا وأذن أولادنا وأنا أكتب للمستقبل وبالتالي أختار لغتي وفق منطق المستقبل . صحيح هناك من يستنجد بالمصطلحات التي لم تمر بعد لمجال التداول اليومي ضعفا منه في البحث عن البديل لكن هناك ظواهر ما لا يمكن إلا أن نستعمل مصطلحات بعينها أو بلغة أخرى حتي إذا تناولنا مجال التقنيات لابد أن نستعمل كلمات بعينها. مثلا "التعبئة " أو " روشارج" . القصيدة الزجلية الحداثية تغرف من مجالات عدة (فلسفة/ صوفية/ علمية...) مما يجعل الزجال ينحت مصطلحات في شكلها فصيحة لكنها انتقلت للتداول اليومي( البركان لايمكن ان نجد له بديل مثلا وقس على ذلك) . قوة دارجتنا أنها تتحرك ، تتسع يوميا ، ليس لها قيود معيارية وقواميس تعلبها تسمح ليسافر المصطلح من الفصحى إلى حضنها . قد يندمج المصطلح في القصيدة ويناسبها كما قد يكون نشازا وفاضحا في سياق القصيدة ، حسب تمكن الشاعر من أدواته وهذا هو الرهان ، رهان التجديد في لغتي أن لا أكون نافرا في تراكيبي. هناك من المبدعين وحتى بعض النقاد من يصر على حصر الدارجة في المصطلحات المحلية والإغراق فيها مما يجعل القصيدة سجينة هذا المحلي وهناك من يجتهد لتنفتح القصيدة ، عبر اختيار لغوي ، على الوطني والعالمي ، خصوصا وأن قنوات التواصل أضحت تسمح بهذا. في ديوان " شمس الما " كانت لغتي وفق هذا الاختيار ووجدت تجاوبا محليا وعربيا مع قصائده .
إشارة أخرى لابد من وضعها نصب أعيننا هو أن لغة الشعر أرقى من المستوى العادي للغة أي لغة ، لذا لغة الزجل لابد أن تكون أرقى من لغة التداول اليومي في اختيار الكلمات والتراكيب والإنزياحات.
حين تكون الحروف "سربة" و المعنى بارود ، هل يكون المتلقي في شرفة الاهتمام منتبها على اثير القصيد ؟
الإلقاء هو ركوب على الكلمات في لوحة "للتبوريدة" والمعني في هذا الحال هو إيقاع " لمكاحل" . الإلقاء بهذه الرؤية يحمل الإحساس الداخلي للشاعر ، يحمله طبقا فنيا يتقاسمه مع المتلقي وهي كفاية لا يتقنها الكل هناك شعراء الزجل ينشدون القصيدة ويعطونها حجما أكثر من فنيتها وهناك زجالون يطرزون الكتابة ولا يقدمون منتوجهم بشكل مغر. بالنسبة لي أحاول أن أعطي لعملية الإلقاء أهمية المجهود الذي أخذته مني القصيدة ويسكنني قلق حول وضع المتلقي ، أريده أن يتفاعل معي أن يكون الوقت الذي أعطاني من الصمت والاستماع يقابله متعة واندهاش أمنحه له عبر السفر الصوتي ( مخارج الصوت واضحة/ باحات استراحة نتوقف فيها ليتلذذ بكل صورة شعرية و يأخذ نفسا للصورة القادمة /...). هل أفلح في ذلك؟ المتلقي هو الفيصل.
منى تكون للكلمات نسمة الصيف ؟
تكون للكلمات نسمة الصيف حين أتأبط قصيدتي في صيغتها النهائية ، وأنا أتصبب عرقا من حيرة وخوف أن لا تكون القصيدة في المستوى ، أتقاسم مع دائرة جد خاصة من المبدعين بمدينتي فناجين قهوة مرة و أسمعهم ما حملت وأنظروأنتظر. بريق الاطمئنان في عيون الأصدقاء هو تأشيرة للقصيدة لتعبر للمتلقي وهذه التأشيرة هي نسمة الصيف التي تخفف الضغط وتريحني ، تعطيني طاقة المضي نحو اقتناص إشراق قصيدة مأمولة. و متى تكون لها نكهة القلب ؟
تكون لها نكهة القلب ولون الربيع حين تطل في إشراقة الولادة وتطاوعني أدواتي لأرعىاها شتلة ، أداعب أوراقها و أسقي تفاصيلها بما علق في ذاكرتي أو ما نهلته من معين البحث في حكايات الجدة أو أساطير الإنسانية في الفكر الكوني لألبسها حلة لتصبح قصيدة وارفة الظل وأحتمي بها في انتظار نسمة الصيف وتأشيرة نضجها للعبور للوجود.
متى تَكْذِب قصيدة البلبالي ؟
الصدق في الإبداع هو التعبير عن إحساس ما ، وضع ما ، قيم ما ليست بالضرورة معاشة أو ضمن تجربة المبدع . قد نكتب عن علاقة عاطفية دون أن نعيشها بالضرورة ولكن حين يتلقاها الآخر يشعر بها كأنها حكايته. قد تتناول قصيدة ما الهجرة السرية كأنها تجربة الذات الشاعرة دون أن يكون ذلك واقعا لكن الذين اكتووا بنارها يشعرون أن الكتابة تمس عمق شعورهم. الشرارة الأولى للقصيدة قد تكون واقعة معاشة إحساس حقيقي ولكن الاشتغال عليها يجعل الشاعر يسمو بها من الشخصي إلى المجرد ، إلى المشترك فيها بين كل الناس.
بهذا المعنى لم ولن تكذب قصائدي أبدا . أما إذا عنيت بالصدق هو عكس التجربة الشخصية في الكتابة فأغلب قصائدي كذب ههه ولكن وفق مقولة : أعذب الشعر أكذبه
الصدق في الشعر لا يعني صدق الوقائع وإنما صدق قولها فنيا. بهذه الخلاصة أنا أحاول أن أكون صادقا جدا.
و متى لا تحضُر الموعد و تَدَعُه مُعلقا بين الدواة و القلم؟
كم من مرة تضع القلم والورقة أمامك تهيئ ما اسود من قهوة الصباح تعصر السحايا عل قطرة من الكلام تهطل عليك ولا شيء في الأفق، تشعر كأن سماءك جفت منابعها . أحيانا أخرى قد تكون ليلة القبض على إشراقة تحققت ولكن لا تطاوعك أدواتك لرتق حرير الثوب لتلبسه القصيدة وتبقى عانسا لزمان . هذا الزمن المعلق بين الدواة والقلم يرهقني يشعرني برتابة لا اتجاوزها إلا إذا طاوعتني من جديد كلماتي . هذه الحالة النفسية التي أعيشها بين قصيدة أكملتها وقصيدة مأمولة لم تطل بعد أو لا تريد أن تكتمل لحظة مقلقة بالنسبة لي.
يشارك الشاعر بلبالي في ملتقيات عدة عبر التراب المغربي و خارج الحدود، ما القيمة المضافة التي يسجلها في هذه الملتقيات ؟
الملتقيات فرصة للمبدع للتواصل المباشر مع الجمهور وفرصة لمعرفة مدى تجاوب هذا الأخير مع شكل كتابته أولا ، ليتعرف على التجارب الأخرى. وقد مكنتنا الملتقيات في السنوات الأخير من تقديم التجربة الزجلية المغربة للإخوة من المهجر ومن الدول العربية (الجزائر/ تونس /ا السعودية سوريا العراق/ الأردن / لبنان/ فلسطين/ مصر) ,اعتبر أن القيمة المضافة الأساسية التي سجلتها إلى جانب أصوات زجلية أخرى هي ترسيخ فكرة أن الزجل شعر يتكامل مع الكتابات باللغات الأخرى( عربية فصيحة/امازيغية/ فرنسية /إسبانية/ حسانية) وأن كتابة الزجل لا تأتي من قصور في ذات الشاعر لأن جزءا منا يكتب الفصيح بمستوى جيد .
اللقاءات فرصة أيضا لإعطاء المتلقي أطباقا مختلفة وجعله يميز بين الجيد وبين الرديء وجعل المبدعين أنفسهم يعون أهمية عدم استسهال الكتابة وأهمية احترام المتلقي ، والمتلقي المغربي ذكي جدا ومتذوق عارف ،عكس ما يمكن أن يظنه البعض. وكل الملتقيات التي شاركت فيها حملتني مسؤولية جسيمة وهي السير قدما بالقصيدة والمشاركة في الرقي بالذوق الفني للمجتمع. كيف تُقيّم القافلة الثقافية الى تونس و ما كانت رسالتكم هناك خلال الرحلة ثم كيف كان حجم التجاوب مع القصيدة الزجلية المغربية من طرف اشقائنا هناك؟
شاركت إلى جانب مبدعين مغاربة في النسخة الأولى للقافلة الثقافية التي زارت تونس صيف 2011 . كان لنا شرف أن نكون أول وفد ثقافي يزور تونس الثورة وقد زرنا فيها أسر الشهداء وكان البعد التضامني و التآزري حاضرا بقوة ، زرنا مناطق عدة والتقينا مبدعين وفنانين تونسيين، نعرف البعض منهم واقعيا ونلتقي معارف كنا نَسَجنا معهم علاقات عبر الأنترنيت. عبر امسيات متعددة حاولنا أن نقدم حساسيات زجلية مغربية مختلفة للجمهور التونسي. بالنسبة لي كان الأمر فيه رهان تقديم القصيدة الزجلية الحداثية المغربية وكان التجاوب بحجم مثير وتأكد لي أن البُعد الجغرافي المغاربي هو المنطلق الذي علينا أن نُؤسس له في كتاباتنا الزجلية وهو السبيل إلى تجاوز المحلية نحو آفاق أرحب. لم أشعر وأنا اتواصل معهم بحاجز اللغة التي اخترتُها في تجربتي وخصوصا لغة ديوان " شمس الما" . هذه الخلاصة هي في الحقيقة تأكيد لما حققناه في الملتقيات الشعرية العربية المنظمة بربوع المغرب. لقد بلغت القصيدة الزجلية ، وخصوصا في حساسيتها الجديدة التي أشتغل عليها إلى جانب مبدعين آخرين، نوعا من النضج الفني جعلها تجد مكانة جيدة لدى المتلقي العربي عموما .
هل يواكب النقد الحركة الإبداعية في المغرب ؟
لابد في البداية من الإشارة لصعوبة تتبع النقد للحركة الإبداعية عموما نظرا لكون وتيرة الإبداع سريعة عكس زمن النقد البطيء . لابد للناقد أن يتأنى في اشتغاله على عمل ما ، أن يدرسه على مهل ، أن يستوعبه ويشحذ أدواته ليفك شفراته .عدد المبدعين كثير جدا مقارنة بالمشتغلين في المجال النقدي وإمكانية النشر أصبحت متاحة رقميا مما يجعل التراكم بحجم يصعب تتبعه كله. هناك أيضا غياب منابر كانت لها سلطة نقدية تعمل على ترسيخ حساسيات فنية معينة وتبرز قيمة التجارب الإبداعية. ( مجلات مختصة / ملاحق ثقافية ...). أغلب الأعمال التي تناولت التجارب الزجلية كانت بمناسبة حفلات التوقيع وبالتالي كانت مجاملات نقدية واحتفالية . هذا من ناحية ومن ناحية أخرى هناك مشكل الأدوات المنهجية التي يتم بها مقاربة الزجل في حساسيته الجديدة ، هل نقاربه بمفاهيم نقدية من مجال الفصيح ؟ هل هناك تأسيس لأدوات نقدية خاصة أم نستعير أدوات نقدية من مجالات أخرى ؟ هذه الأسئلة /الإشكالية أيضا تجعل النقد مترددا في تناول الزجل الحديث.
. نحن كمبدعين في حاجة لصحافيين مختصين يكونون حلقة وصل بين المتابعة الصحافية والمناول النقدية الأكاديمية.
كيف تُقيّم مواكبة وزارة الثقافة للحراك الثقافي في ساحتنا؟
شخصيا لم أشعر بمواكبة وزارة الثقافة للحراك الثقافي . بعض المؤشرات تدل على هذا الغياب، حضرت عدة ملتقيات ثقافية وفي مناطق مختلفة من البلاد لا خبر لي حول مواكبة وزارة الثقافة لها . لا خبر لي بدعم للمبدعين الأصدقاء لإنتاجهم ، أصدرت لحد الآن ثلاثة دواوين على نفقتي الخاصة ولا باب من أبواب وزارة الثقافة فتح في وجه تجربة من تجاربي. هذه مؤشرات للأسف تدل على عدم مواكبة الوزارة لهموم المبدع. ولكن المبدع نفسه لا يعير الوزارة ولا مجهودها اهتماما أيضا وهكذا تبقى حلقات من السلسلة ضائعة.
الاصدار هَمّ يصاحب كل مبدع. بما ان الوزارة الوصِيّة على القطاع ترفع يدها مما يجعل المبدع يفقد البوصلة أحيانا فلا يجد غير جيبه سندا ... كيف نواجه هذه المعضلة و كيف نحفظ للمبدع ماء وجهه ليظل مشرقا؟
السؤال مهم ومتشعب في تناوله . سوق الكتاب نظريا هي سوق بالمعنى التجاري ولكي تزدهر لابد من منتج ومصنع ووسيط وزبون. عندنا المعادلة مختلة منذ البداية المبدع هو المنتج ( يبدع) والمصنع (يطبع اعماله)وسيط(يوزع لنفسه) ويعمل على ايجاد الزبون (يقدم ديوانه مجانا في الغالب) .
مسؤولية تثقيف المجتمع والسمو بذوقه الفني مسؤولية جماعية وللأسف لم توليها السياسات المتعاقبة أهمية كبرى لهذا وجعلت من وزارة الثقافة مدبرا لأشياء لا ترقى للثقافي حتى في غالب الأحيان. هناك مؤسسات قدمت اقتراحات من أجل بعث توازن في معادلة سوق الكتاب لكن لم يُستجَب لها . وهو أمر طبيعي لأن هناك تناقض دائم بين السلطة والمثقف . المثقف بطبيعته مزعج للسلطة كما قال سارتر.
لكي نحفظ للمبدع ماء وجهه فل نجعل المجتمع مشرقا ولتكن السياسات في خدمة أحلامه في الحرية والتقدم. كلمة أخيرة؟
لتكن كلمة البداية لمجهود حقيقي وصادق ليساهم المبدع في توجيه تطور ذوق المجتمع نحو التقدم والحداثة.
Sujets similaires
» قراءة عزيزة رحموني في ديوان طائر البرهان
» ديوان صمت يسّاقطُ أكثر عزيزة رحموني
» signification de l’étoile de David
» ترجمة عزيزة رحموني محمد البريكي
» حوار عزيزة رحموني مع الكاتب فؤاد زويريق
» ديوان صمت يسّاقطُ أكثر عزيزة رحموني
» signification de l’étoile de David
» ترجمة عزيزة رحموني محمد البريكي
» حوار عزيزة رحموني مع الكاتب فؤاد زويريق
Page 1 sur 1
Permission de ce forum:
Vous ne pouvez pas répondre aux sujets dans ce forum