عطش يروي سيرته

عادل لطفي
قبل البدء في قراءة " عطش يروي سيرته" تطالعك فسيفساء الطين المتشقق تذكيرا بالعلاقة الاولى بين الانسان و الطين كمادة اولى و كعنصر طبيعي استعمله الانسان منذ القِدم فترك لنا حفريات تدلّ على الحضارات القديمة مضغوضة في قطعة فخار او تماثيل صغيرة او مزهريات و أوانٍ للماء تمزج الطين بعنصر حيويّ يرمز للحياة .
العطش/المرآة/ الطريق/الكأس/البياض/ المحو/الموت/الليل : عواصف لا تهْرُب من ظِلّها بل تتصادى من قصيدة لأخرى، تفتح قلبها للأرض كي تقول ما تحبُلُ به روح شاعر يشدّ أجْراسه فتنبعث الْسِنة الّلهب متراقصة... شاعر "كلّ الطرقات أخذته الى الكتابة"، لا يحتاج معجما غيْر معجم نبضه، لروحه ما يكفي مِن سِحر لتقرع طبول العطش و تغنّي الكؤوس و هي تجلس القرفصاء كهِنديّ حكيم، في عيونه نظرة ملتهبة تربّتُ على جناح الحرف قبل ان يرفرف فتشتبك الطّريق بالبياض و تتعلّم اسرار ساقية عتيقة تعرف أنّ العالم كلمات والكلمات مرايا لا تختبئ خلف اصوات صارخة تُبَدّلُ جِلْدها فإذا هي نوتات تسعى لترْعِب البياضَ و تُحَرّر المحْوَ الذّاهِب الى العمْق، لِتفْتح شُقوق الّليل إيذانا بمِيلاد جديد.
يقال انّ العطش ينبغي أن يكون دليلنا الى الارتواء... و في ديوان "عطش يروي سيرته" للشاعر عادل لطفي تأخذنا ضفاف هذا العطش للارتواء بِايقاع يتهادى ويتكسر موجة إثْر موجة...يتناثر ثم يستعيد تشكيلاته في فورة الجذبة...ينفتح طرُقاً للسّكَات تشيّعُ الرمادَ الى النور فيَفِيضُ خيال الجنّة.
لترْتوُوا على ايقاع الطّين و الماء، افتحوا " عطش يروي سيرتَه"، ستجدون الحروف كؤوسا فوق خابية تنتظر كي تصبّ لكم 'قصائد تلحس النّدى'، 'في يديها فرحة زرقا و بحر بلا لون'...
*/*/*
من عزيزة رحموني حفنة تحايا للشّاعر عادل لطفي.