سلام كاظم فرج

سلام كاظم فرج الياسر هل يمنحنا نبذة عن مسارات دروبه في الحياة و جغرافية إبداعه ؟

عزيزة رحموني اسم مهم على خارطة الثقافة المغاربية.. هي شاعرة رقيقة. وتجربتها الشعرية تنطلق من إحساس عال بالهم الانساني من خلال الهم الذاتي.. وهي ايضا مترجمة بارعة
ومثابرة في المجال الانساني من خلال نشاطها الدؤوب في منظمات المجتمع الانساني, رغم معاناتها على المستوى الشخصي ورحلتها مع مرض الم بها لكنها واجهته وهزمته ولم يستطع ان ينال من عزيمتها وشجاعتها وإبداعها..

وهي حين تسأل عن مسارات دروبي في الحياة وفي الكتابة فذلك يعني أن عينيها النافذتين قد استطاعتا ان تستكنه عذابات زميل لها يرابط في الاماكن القصية من المشرق.. عرفت مشتركات همه وهمها من خلال كتابات ينثرها هنا وهناك في الصحف والمواقع..
لا املك الا التعبير عن سعادتي بوصول رسالتها الكريمة واسئلتها التي شرفت بريدي..
ــــ مسارات دروبي في الحياة سلسلة صلدة من العثرات والنكبات. ربما سببها يكمن في وعي مبكر بحقيقة المأزق الانساني وصراع الكائنات ومنها صراع ابن الانسان مع نفسه من جهة ومع أخوته في الانسانية من جهة أخرى.... والبحث في فلسفة الوجود.. ومبررات الوجود.. وغموض ثنائية الوجود والعدم. صراع الطبقات.. والانحياز الى اكثر الناس بؤسا وعذابا وتهميشا.. والبحث اللجوج عن اجوبة لأسئلة تحتاج الى أجيال متعاقبة لكي تجيب عليها..
ـــ اما مسارات دروبي في الكتابة فلقد بدأت مشواري كاتبا للقصة القصيرة ونشرت محاولات متواضعة في سبعينات القرن الماضي . وصمت عشرين عاما.. استجابة لأمر بوليسي بالامتناع عن الكتابة والنشر.
وقد خرقت هذا الصمت في نهاية الثمانينات لأنشر بضعة قصائد في جريدة الجمهورية الحكومية معللا النفس ان البوليس قد نسي. والعهد بيننا سقط بالتقادم.!
هي رحلة مرة ممتعة.. انتهت بفوضى في الكتابة والنشر تجمع بين الكتابة في السياسة والاجتماع .. وبين النصوص الادبية ينتمي معظمها لعالم السرد لا عالم الشعر.. .. ولي قراءات انطباعية لنصوص ابداعية لادباء واديبات منشورة.. كتبتها لتزجية الوقت.
. واستجابة لتحد قديم بيني وبين شرطة الامس التي منعتني من الكتابة.
فقط لكي اقول لنفسي .. لقد انتصرت.. ربما في هذه الفكرة لؤم وخبث..
لكن من يعرف ما ذا يعني ان تكون تحت سطوة نظام قمعي صارم لمدة ثلاثين عاما سيعذرني..!!
ـــ القصة القصيرة ما شدك الى رحابها؟؟
جربت كتابة القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا منذ اكثر من اربعين عاما.. شدني الى رحابها هوس مرضي بقراءة كل مؤلفات نجيب محفوظ ويوسف ادريس . ومعظم كتابات روائيي وكتاب القصة العراقية.
قلت لم لا احاكي ما يكتبون؟؟ لكن المأزق انني ورطت نفسي بالكتابة عن المسكوت عنه.. فكتبت نصوصا تودي بصاحبها الى التهلكة.. اقترنت ب انتماء طفولي لتنظيمات تعادي سلطة متوحشة غاشمة..
ضيعت فرصي في النشر .. وآذت صحتي جسديا ونفسيا وما زلت الى اليوم أحلم بكوابيس تلكم الايام..
لكني استطيع ان اباهي.. لقد نشرت نصوصا رغم قلتها.. لكنها تركت بصمة وعلامة فارقة في فن القصة وفن القصة القصيرة جدا ونالت اهتماما نقديا. وحصدت اكثر من جائزة..
وما بين اول جائزة في عام 1971 وآخر جائزة 2009 مسيرة جميلة..
تذكرني بمقولة بابلو نيرودا
أشهد انني قد عشت..
ــــ حين تدخل تحت الجلد ماذا تجد؟؟
سؤال لافت يحيلني الى نصي الرومانسي.. إذن بالدخول تحت الجلد..
يعرف العشاق محنة تضييع المعشوق حتى يصلون الى الظن ان لا تلاقيا..
ثم يكتشفون ان صوتا من الماضي يغازل مسامعهم..
المعشوق حين ينأى في الزمان وفي المكان يتحول الى هالة نور تكمن في الوجدان.. المعشوق حين يموت جسدا تتحول روحه الى نبض في روح العاشق.. لكن حين يبعث ثانية..فليس سوى طلب الإذن بالدخول ثانية الى مساماته.. هو ليس طلبا بالعودة الى الحب. لأن الحب لم ينأى. ولا الى المحبوب.. فهو يسكن الوجدان.. بل هو طلب متواضع . وهمي. إفتراضي
للدخول ثانية. وإقامة عرس ثان لروح واحدة. فالاجابة تتلخص سأجد هناك سلام كاظم..وليس. معشوقتي..
القراءة الانطباعية ما تضيفه لتجربتك كمبدع؟
القراءة الانطباعية لنصوص ومجاميع اصدقاء الهم والحرف.. محاولة متواضعة لتقديم تلك النصوص الى القاريء العربي..والنقاد.. اقول لعل تقديمي يحرك ماء راكدا في جزر النقد. ويساهم في إعادة المد النقدي وأمجاد الستينات والسبعينات من القرن الماضي
لا أفكر بما تقدمه من إضافة لتجربتي في الكتابة بقدر ما تحققه من متعة لي ومن فائدة لزملائي الذين أرى في نصوصهم نفسي وآمل ان تجد كتاباتهم صدى لدى النقاد الاكاديميين.. وهي محاولة ايضا لتنبيه القراء الى نصوص جديرة بالقراءة والاستمتاع بجدتها ورصانتها وجمالها..
وكل تلك القراءات تنتمي الى مايسمى بالقراءة الانطباعية السريعة والتي لا تدعي انتماء الى اية مدرسة نقدية .. وتعتمد التذوق الجمالي للنص ..
لا أكثر..
اود معرفة مصادر و مصبات نصوصك الهائمة و لماذا هي نصوص هائمة ؟

كما تعرفين ان التجنيس مهم لكل عمل إبداعي..
واخوك سلام حين يكتب .. لا يلتفت لجنس مدونته إلا بعد الانتهاء منها تماما. وهو يكتب لقاريء واحد إبتداء.. هو سلام نفسه.. لا الناقد يراقبه.. ولا الرقيب الحكومي. ولا حتى القاريء العزيز.. في الكتابة امارس اعلى درجات الحرية.. حتى المقدس. لايقف في طريقي.. بعدها. ابحث في النص. وفي مبرراته وفي جنسه.. لأجد.. ان بعض نصوصي المجنونة لاتصلح للنشر.. فهي لا تنتمي لجنس ادبي محدد. وهي قد تصطدم بتابو اجتماعي او سياسي او ديني. فاحتفظ بها لنفسي.
بعضها يجد فيزا للنشر من خلال ابتداع فكرة النص الهائم الذي يقع بين قصيدة النثر والنص المفتوح.
ومفردة هائم تعني انه يبحث عن جنسه او هويته في الاسلوب لا المضمون
فمضامين كل كتاباتي إنسانية الهوى والهوية..
..ــ عناوين كتاباتك هل تشتغل عليها؟؟؟
أكيد. ان العنوان احد مفاتيح النص.. بل هو المفتاح الرئيس.. وأنا أتعب كثيرا لكي اجد عنوانا مناسبا لنصوصي..
لديك قصائد مفتريات لماذا البستها هذا الاسم؟

هو تواضع مني..!! ابتسمي..فأنا أرى في الشعر ما أراه في المقدس..
وقد تحدى القرآن الكريم الناس ان يأتوا بعشر سور مفتريات او بسورة واحدة فلم يفلحوا..
وتعبير ا عن احترامي لمفردة قصيدة. ومفردة شعر. وجدت ان اتواضع قليلا. فأذكر القاريء ان نصي عبارة عن مجموعة من الهذيان السردي لا اكثر..
لكنها جاءت جميلة جدا وانا الى الان أعتز بهذه النصوص رغم تقادم العهد بيني وبينها..
هل يعاني الابداع العراقي من ازمة نشر و تواصل مع القارئ
ـــ لا أبدا. لا يعاني الابداع العراقي من أزمة نشر.. فالانترنيت والمطابع تضخ يوميا عشرات النصوص في السرد وفي الشعر . لكن قولي هنالك أزمة قراءة. والناس منشغلة بالهم الحياتي اليومي الآني. والهم الامني والسياسي. وهنالك قلق على الديمقراطية ومحاولات وأدها او الالتفاف عليها..
ـــ ماذا علمتك الحياة؟؟
علمتني ان الانسان لم يغادر بعد الغابة تماما !! لكن الحب أجمل إختراع إنساني واعظم هدية يقدمها الوجود لهذا الكائن الغريب (( الإنسان))..
في الحب. ومن خلال الحب.. سنغادر الغابة المخيفة. هنالك محاولات لتدمير هذا الاختراع.. بعضها سياسي. وبعضها كتابي إبداعي !!! في عشرات المؤلفات الموهنة للعزائم المشككة بانتصار الانسان.. تدق أسافين الحقد بين الامم والشعوب. متناسية ان ابن الانسان..هو نفسه في كل بقاع الارض..
من اجل متعة عابرة يقتلون المستقبل.
لي ثقة. ان المستقبليين سينتصرون..
ـــ ماذا علمتك الكتب؟؟
الكتب.. ربما هي السبب الرئيس في تدمير مستقبلي الشخصي !!!
احيانا اتمنى لو أنني اكتفيت بكتب المدرسة!!!
اعرف اصدقاء كثر عاشوا بسعادة ونعموا بالحب. واحتفظوا بحبيباتهم وانجبوا.. وامتلكوا الفلات والعمارات والارصدة في البنوك .. لانهم فقط لم يقرأوا كتبا خارج ما هو مطلوب منهم لكي ينالوا الشهادة الجامعية..
الكتب علمتني ان القراءة العميقة للكتب قد تكون مفسدة في مجتمعاتنا الشرقية المتخلفة الرازحة تحت اطنان من الكتب غير النافعة !!!
ابتسمي....
ماذا تعلمت من النضال....؟
لم أتعلم شيئا!!.. النضال منحني مزيدا من الحيرة. الان افكر. هل قمين بي ان ادفع باولادي الى النضال ضد الظلم فاظلمهم كما ظلمت نفسي ودمرت اجمل سني حياتي. ام اتركهم يشتغلون على الامور البسيطة في توفير عمل مريح وعائلة مريحة. وحب جميل بعيدا عن هذه المفردة المخيفة(( النضال))
صدقيني انا حائر ولم اجد جوابا لحيرتي..
ـــــ هل البراءة من الوطن ممكنة؟؟
وأنا اكتب الجواب على هذا السؤال بدأت دمعة تتجمع في مآقي عيوني.
وهل البراءة من الأم ممكنة..؟؟..
انت تشيرين الى نص نشرته قبل اعوام (براءة من الوطن.)..
كان تعبيرا عن مأزق المناضل حين تسرقه الايام ويكتشف ان الزمن قد غادره. وإن أحدا لم يلتفت اليه .. ولم يكافئه احد حتى بكلمة شكرا..
حتى هو لم يعد يعرف. هل كانت دروبه سالكة. ام إنه قد أخطأ في بعض المسارات.. وهل خدعته البوصلات. ام ان الخيار كان مجازفة كبرى.
مأزق المناضل الحقيقي إنه يجد عزاء في جثث رفاقه الممزقة لا في وطن معافى مزدهر. فالشيخوخة على الابواب. ومستقبل الاوطان غامض ومجهول..
البراءة من الوطن مستحيلة. سيما على الشعراء. واعني بالشعراء كل روح جميلة في الوجود.
لكن قد تكون البراءة من التنظيم السياسي واردة. ولكنها تشبه تماما اقتلاع إضفر إصبع اليد بدون مخدر موضعي!
ــــ هل تؤمن بجنون الادباء؟؟
ـــ نعم. ولكنه جنون يختلف عما تعارف عليه الناس حول موضوعة الجنون..
جنون بمعنى التفكير المختلف. والتصرف المختلف. ورفض الترويض السلطوي والاجتماعي والعائلي والديني. فالاديب ( الشاعر ) خصوصا له خطرات تختلف عن السائد..
لكنهم يحاولون جهد إمكانهم إخفاء جنونهم هذا في حياتهم العامة ويظهرونه في نصوصهم..
إذا كان الجنون يعني الاختلاف عن الاغلبية الساحقة من الناس . نعم الادباء مجانين.
اما اذا كان سؤالك يتعلق بجنون نيتشة مثلا. وجنون الماركيز دي ساد. او مجنون ليلى. فتلك قصة أخرى. يطول البحث فيها..
هل تؤمن بقوة الكلمة؟؟؟
ـــ الجواب
نعم... و.. لا..!!
نعم في مجتمع يعطي للكلمة مكانتها
الرسول الاعظم والقرآن الكريم غيرا
مجتمعا رأسا على عقب بقوة الكلمة
هتلر نال الاغلبية في البرلمان الالماني بقوة تأثير كلماته..
في اوربا. مقالة صحفية قد تسقط وزارة.
في الوطن العربي ما زالت الكلمة خجولة.. ما زالت تحت يافطة (لا). لا تملك قوتها.
وربما ما سمي بثورات الفيسبوك ستغير المعادلة إذا ما حصدت ثمارا طيبة لا فجة. كل ذلك مرهون بالغد..
ماذا تعني لك هذه الكلمات.
ـــ الوطن.... ماتعنيه كلمة أم للطفل..
ـــ الغربة.... قد تحلو للبعض.. لكنها بالنسبة لي كارثة.
السفر جميل. والتغرب مفيد.. بل مطلوب.. لكن لابد ان يكون المستقر قريبا من مسقط الرأس .. اقول قولي هذا عن قناعة حتى وإن تحقق مايسمى بالوطن العالمي الاممي.
الماركسية.... الماركسية نظرية عمل اجتماعية اقتصادية.. قابلة للتطور..
وهي دليل عمل دنيوي لا كتابات مقدسة. قابلة للنقاش وبعض ثوابتها قابلة للدحض دون ان يعني ذلك تخليا عن الماركسية.
المفارقة أن الرأسماليين أستفادوا من النظرية أكثر من الإشتراكيين!!!
الصوم...رياضة.. ولكن قد لايجيدها الجميع ولذلك وضع الله ضوابطا واعطى سماحات . وبدائل فيما سمي بالكفارة. . وهو رياضة روحية مفيدة
ولها فوائد على صعيد الجسد والروح.. ولكن التعميم خاطيء. فالبعض قد يصيب جسده وروحه العطب. وعليه استشارة أولي العلم الاطباء والآباء الروحيين الحقيقيين ..
الحب.. أجبت عن هذا السؤال..
العدم.. لم أجربه بعد.. (( ابتسمي))
ولكني قرأت كتاب سارتر الوجود والعدم.. رغم رداءة الترجمة. وقرأت لعشرات الكتاب المؤمنين والملحدين. لذلك ان افضل جواب. ما قلته لك
لم أجربه!!!!
انثيال قطر الأسئلة قد انتهى اترك لك كلمة أخيرة
كانت رحلة جميلة مع اسئلة العزيزة الشاعرة والمترجمة والاعلامية المغربية عزيزة رحموني فشكرا لها

سلام كاظم فرج
كاتب عراقي..........