علي نوير
Page 1 sur 1
علي نوير
علي نوير
22 mai2014
المياهُ مُعتمةٌ .. والغرقى كثيرون
~~~~~~~~~~~~~~~~
أيّها البحر
لا جدوى من إغوائي بنشيدِكَ اليوميِّ ، بأمواهِكَ التي تأتي إليَّ مُحمَّلَةً بالقواقعِ ،
والعُلَبِ الفارغةِ ، والنذورِ ، ورسائل الغرقى التي لم تصل .. ولن ..
لا جدوى من إغوائي أيّتها المياهُ الضَحلةُ ، ما عدتُ أصلحُ للرحلاتِ القصيرةِ ،
أنا ابنُ الصحراءِ الأزليّةِ ، لا أُفقَ يحدُّني ، أنا ابنُ المياهِ العميقةِ ، لا ساحلَ أنتظر ،
ولا فنارَ أهتدي إليه ..
خُذْ هداياكَ أيها البحر ، إرمِها بعيداً ، لن أحتاجَها بعدَ الآن .
.
ها هيَ ذي يدي ، مازالتْ تُلوّحُ بفسفورها المُشعِّ للذين سيأتونَ من وراءِ هذا الأفق .
للهابطينَ من تلكَ التلال .
أنا الجامحُ كنزوةٍ عابرةٍ ، الجارحُ مثلَ شظيّةٍ طائشةٍ ، أعرف كيفَ أُضيء في اللحظةِ
الحاسمة .
.
لم أكُ يوماً مئذنةً لأحد ، ولا عهدَ لي بالهُتافِ أمامَ حشد ،
بَيدَ أنَّ رقبَتي مازالتْ طويلةً بما بكفي كي أرى من وراءِ هذهِ الأكتافِ ما لم ترَهُ عينان ،
.. وثمّةَ احتياطيٌّ هائلٌ من الغناءِ الجميلِ مازالَ مُحتبساً في حُنجرتي .
.
أيّها البحر
ها أنذا أمامكَ الآن .
تركتُ ورائي مُدناً تتقاذفُها الأعاصيرُ ، وتلتاثُ إليها الطُرُق ،
لم يبقَ منها سوى استغاثاتٍ ، صُراخٍ مكتومٍ ، وآخرَ مُدوٍّ ، مازلتُ أسمعهُ مُخترقاً الغُبارَ
والرمادَ ، سوى أجسادٍ مُزرَقَّةٍ بفعلِ آلاتٍ للتخدير .
.
بُكاءٌ ساخنٌ ومرٌّ يقاطعهُ على الدوامِ ضحِكٌ خليع .
شٌرُفاتٌ ومُتّكآتٌ وثيرةٌ تطلٌُ على خرائبَ وقُرىً مُغبرَّةٍ ،
جدرانٌ وأعمدةٌ من الرُخامِ .. وأخرى من الصفيح ،
عُكّازٌ هنا .. صولجانٌ هناك ،
سوطٌ هنا .. ظهورٌ مَحنيّةٌ هناك ،
منارةٌ مُتداعيةٌ هنا .. صُلبانٌ مَعقوفةٌ هناك ،
نِفطٌ هنا .. مياهٌ آسنةٌ هناك ،
ساحلٌ مُمتدٌّ هنا .. وطُرُقٌ مُلتويةٌ هناك .
.
أيّها البحر
خُذْ بيدي الى الأزرقِ البعيد .
كن هادئاً ،
زوارقُ الصيّادينَ لا عهدَ لها بأمواجكَ المتواثبةِ ، بصخبِكَ العالي ،
ما هيَ إلّا زوارقَ من خشبٍ خاوٍ ، من بقايا سفينةِ نوح ،
نوح الذي لم يتركْ وصيّةً لأحد ،
سوى حكايةٍ تشظّتْ على ألسنةِ الرواة .
.
أيّها البحر
ها هوَ ذا شراعي الأخير ،
خُذْ بأطرافهِ الآن ،
المياهُ مُعتمةٌ ، والغرقى كثيرون ،
ولا أحدَ ينتظرني هنا .
.
وأنتِ أيّتها الغيمةُ اهبطي ،
لنرى أيّةَ أرضٍ ستزهرُ قبلَ غيرها
في هذا الربيعِ العدميِّ الأخير .
.
.
2/2/2014
22 mai2014
المياهُ مُعتمةٌ .. والغرقى كثيرون
~~~~~~~~~~~~~~~~
أيّها البحر
لا جدوى من إغوائي بنشيدِكَ اليوميِّ ، بأمواهِكَ التي تأتي إليَّ مُحمَّلَةً بالقواقعِ ،
والعُلَبِ الفارغةِ ، والنذورِ ، ورسائل الغرقى التي لم تصل .. ولن ..
لا جدوى من إغوائي أيّتها المياهُ الضَحلةُ ، ما عدتُ أصلحُ للرحلاتِ القصيرةِ ،
أنا ابنُ الصحراءِ الأزليّةِ ، لا أُفقَ يحدُّني ، أنا ابنُ المياهِ العميقةِ ، لا ساحلَ أنتظر ،
ولا فنارَ أهتدي إليه ..
خُذْ هداياكَ أيها البحر ، إرمِها بعيداً ، لن أحتاجَها بعدَ الآن .
.
ها هيَ ذي يدي ، مازالتْ تُلوّحُ بفسفورها المُشعِّ للذين سيأتونَ من وراءِ هذا الأفق .
للهابطينَ من تلكَ التلال .
أنا الجامحُ كنزوةٍ عابرةٍ ، الجارحُ مثلَ شظيّةٍ طائشةٍ ، أعرف كيفَ أُضيء في اللحظةِ
الحاسمة .
.
لم أكُ يوماً مئذنةً لأحد ، ولا عهدَ لي بالهُتافِ أمامَ حشد ،
بَيدَ أنَّ رقبَتي مازالتْ طويلةً بما بكفي كي أرى من وراءِ هذهِ الأكتافِ ما لم ترَهُ عينان ،
.. وثمّةَ احتياطيٌّ هائلٌ من الغناءِ الجميلِ مازالَ مُحتبساً في حُنجرتي .
.
أيّها البحر
ها أنذا أمامكَ الآن .
تركتُ ورائي مُدناً تتقاذفُها الأعاصيرُ ، وتلتاثُ إليها الطُرُق ،
لم يبقَ منها سوى استغاثاتٍ ، صُراخٍ مكتومٍ ، وآخرَ مُدوٍّ ، مازلتُ أسمعهُ مُخترقاً الغُبارَ
والرمادَ ، سوى أجسادٍ مُزرَقَّةٍ بفعلِ آلاتٍ للتخدير .
.
بُكاءٌ ساخنٌ ومرٌّ يقاطعهُ على الدوامِ ضحِكٌ خليع .
شٌرُفاتٌ ومُتّكآتٌ وثيرةٌ تطلٌُ على خرائبَ وقُرىً مُغبرَّةٍ ،
جدرانٌ وأعمدةٌ من الرُخامِ .. وأخرى من الصفيح ،
عُكّازٌ هنا .. صولجانٌ هناك ،
سوطٌ هنا .. ظهورٌ مَحنيّةٌ هناك ،
منارةٌ مُتداعيةٌ هنا .. صُلبانٌ مَعقوفةٌ هناك ،
نِفطٌ هنا .. مياهٌ آسنةٌ هناك ،
ساحلٌ مُمتدٌّ هنا .. وطُرُقٌ مُلتويةٌ هناك .
.
أيّها البحر
خُذْ بيدي الى الأزرقِ البعيد .
كن هادئاً ،
زوارقُ الصيّادينَ لا عهدَ لها بأمواجكَ المتواثبةِ ، بصخبِكَ العالي ،
ما هيَ إلّا زوارقَ من خشبٍ خاوٍ ، من بقايا سفينةِ نوح ،
نوح الذي لم يتركْ وصيّةً لأحد ،
سوى حكايةٍ تشظّتْ على ألسنةِ الرواة .
.
أيّها البحر
ها هوَ ذا شراعي الأخير ،
خُذْ بأطرافهِ الآن ،
المياهُ مُعتمةٌ ، والغرقى كثيرون ،
ولا أحدَ ينتظرني هنا .
.
وأنتِ أيّتها الغيمةُ اهبطي ،
لنرى أيّةَ أرضٍ ستزهرُ قبلَ غيرها
في هذا الربيعِ العدميِّ الأخير .
.
.
2/2/2014
Sujets similaires
» شاعرات اندلسيات
» هولدرلين المجنون بعث في عيد الحب
» كُرْحَة
» chant iraquienحضيري ابو عزيز - سلم عليه بطرف عينه
» قراءة عزيزة رحموني في ديوان طائر البرهان
» هولدرلين المجنون بعث في عيد الحب
» كُرْحَة
» chant iraquienحضيري ابو عزيز - سلم عليه بطرف عينه
» قراءة عزيزة رحموني في ديوان طائر البرهان
Page 1 sur 1
Permission de ce forum:
Vous ne pouvez pas répondre aux sujets dans ce forum
|
|