حوار عزيزة رحموني مع محمد حلمي الريشة
Page 1 sur 1
حوار عزيزة رحموني مع محمد حلمي الريشة
عزيزة رحموني
الانسان متكلم بطبعه… يحب الكلمات للتعبير عن ذاته و كينونته، الى جانب وسائل تعبيرية أخرى، و سواء اختار التخييل و الخيال للتعبير فإنّه يشتغل ضد الواقعي من اجل النسيان حسب تعبير “ايفس بيرجير
أردد لنفسي:الكتابة نقش يتوخى أثر الخلود، بها تتحقق الكينونة و تزهر الذاكرة لتينع الذات المبدعة ، الكتابة أحد ركائز المجتمعات المتقدمة، فيها يتناقص عدد الاميّين و تتكرّس منظومة التربية و التعليم المرسِّخة لفعل”الكتابة” كأول درس ضدّ الامية. لكن كيف تترجم اهمية الكتابة في منظومتنا الحياتية في زمننا المعوْلم؟ خصوصا أن عددا من المنَظّرين ، مثل “ماك لوهان” ينبئ بقرب انتهاء مجرة غوتنبرغ. و تجذر عهد السمعي البصري. فما هي جدوى الكتابة ؟ لستُ أوّل و لا آخر من طرح و يطرح هذا السؤال. هل فعلا ننشد الخلود حين نكتب أم تراه مجرد وهم حافز للكتابة هربا من الموت بصفته عاملا للمحو؟ ما مشروعية مساءلة الكتابة لذاتها؟ هل نفعت وهل تنفع الكتابة في تغيير العالم و تنزيل الاخلاقيات و المثل و القيم الانسانية تنزيلا ناجعا في كل المجتمعات سواء كانت متطورة او سائرة في طريق النماء؟ هل تستطيع الكتابة حرث حقول الامل في مجتمعات عادلة تسودها قيم الخير و الجمال و التكافل؟
كتبتْ “ماريا زامبرانو”:الكتابة دفاع عن الوحدة التي تغلفنا، انها إجراء ينبع من عزلة فعلية مُعْدية، لأنّ البعد عن كلّ الاشياء الملموسة يجعل رصد العلاقات بينها ممكنا. انها عزلة تستوجب الدفاع عنها وتبريرها، الكاتب يدافع عن عزلته بإظهار ما يجده فيها هي وحدها دون سواها”.
ما جدوى الكتابة في حضرة الكلام؟ هل نحتاجها في الفوريّ العفوي اليوميّ ؟ هل تشكِّل جزءا من تلك التفاصيل التي لا نتقبل المسؤولية فيها كليّا؟هل هي ردّ فعل استعجالي مُلِحّ آتٍ مما يحيط بنا، من شَرَكٍ تدعي الظروف دفعنا اليه، بينما يحررنا الكلام منه، نتحرر في اللحظة من ظرف فوريّ محاصر؟ من يحضننا أكثر: الكتابة أم الكلام؟ اليس الكلام انتصارا لحظيا واهما بما أنّ الكلام يترتب عنه ردّ الاخر فوريا و ربما دون ترك مجال للجدال مما يخلق نوعا من الهزيمة امام القول؟ اليست هذه الهزيمة امام الكلام شرط وجوب الكتابة ؟ نكتب لاستعادة سلطة الكلمة بالكلمة. الكلمة التي تفقد تبعيتها للحظة الضاغطة و تسمو على حاجتنا لتبرير الردّ، لتنطلق من الذات ، من اعماق الشخص لتدافع عن كينونته في كل زمن في كلّ الظروف امام الحياة…كعادتي، ألْقيتُ سؤالي على بعض الفيسبوكيين، تعددت الردود و تنوعت، فهل اشفتْ ؟ لنتابع ردّ الشاعر حلمي الريشة:
” لماذا أكتب و ما جدوى الكتابة ؟؟ سؤال مِرَارًا طَرَحْتُهُ، قَبْلَ جَفَافِ عَرَقِ النَّشِيدِ، أَرْضَ عُرْيِ الْحَقِيقَةِ اللَّدِنَةِ، وَكَمْ كَانَ يَمَلُّ مِنْ أَلَمٍ أُسَبِّبُهُ لَهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ.
مَعًا تَخْرُجُ الْكِتَابَةُ مِنْ خُشُونَةِ مَلْمَسِ الْفَرَحِ، وَأُلْفَةِ مَسْحَةِ الْقَلَقِ؛ فَرَحِ الْوَالِدَةِ بِالمَوْلُودِ وَقَلَقِهَا عَلَيْهِ.. لِهذَا لَا أَطْرَبُ لِلْقَابِلَةِ الَّتِي تُزَيِّفُ حُضُورَهَا طَمَعًا فِي إِقْنَاعِنَا بِأَنَّهَا هِيَ كُلُّ مَا حَدَثَ.. لكِنْ؛ مَا الَّذِي حَدَثَ فِعْلًا؟ وَلِمَاذَا نُصِرُّ عَلَى تَدَفُّقِهِ رَغْمَ وُثُوقِنَا بِأَنَّنَا كَمَنْ يَحْرُثُ الْبَحْرَ ظَنًّا مِنْهُ بِأَنَّ بُذُورَ سَمَكٍ فِي جُعْبَتِهِ الشَّخْصِيَّةِ، وَتَقُودُهُ شَهْوَةُ أَنْ تَنْبُتَ، يَوْمًا مَا، أَسْمَاكُ ذَاتِهِ النَّرْجِسِيَّةِ؟
أَلَا يُشْبِهُ فِعْلُ الْكِتَابَةِ المُتَكَرِّرِ فِعْلَ اغْتِصَابِ مُومِسٍ قَرَّرَتْ، بَعْدَهُ، أَنْ تَحْتَفِظَ بِجَنِينِهَا- رَاغِبَةً أُمُومَةً مَا؟ لِهذَا، وَبَعْدَ اسْتِدَارَةِ الْبَطْنِ، وَصُعُوبَةِ مُزَاوَلَةِ الْمِهْنَةِ جَسَدِيًّا، تُدَافِعُ، بِقُوَّةٍ، عَنْ أَبْوَابِ ثِيَابِهَا المُرْهَقَةِ، رَيْثَمَا تَضَعُ حَمْلَهَا، لَعَلَّ أَبَاهُ الَّذِي تَعْرِفُهُ وَلَا يَعْرِفُهُ، بَعْدَ جَدَلِ الْجَدْوَى وَعَدَمِهَا وَاحْتِوَاءِ الْأُولَى، يَقتَنِعُ بِشَرْعِيَّتِهِ وَمَشْرُوعِهِ.
إِذًا.. أَكْتُبُ لِأَنَّنِي:
– لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أُحَاوِرَ الْآخَرِينَ سِوَى بِالْكِتَابَةِ؛ مَنْطِقِي الشَّخْصِيِّ، وَسَيْفِ شَجَاعَتِي، وَعُشْبِ أَسْئِلَتِي.
– لَا أَسْتَطِيعُ احْتِمَالَ رُؤْيَةِ زَهْرَةِ حَيَاتِنَا الْإِنْسَانِيَّةِ تُقِيمُ وَحْدَهَا فَوْقَ عَرْشِ الْخَرَاب.. مِنْ هذَا فَإِنَّ عَلَيَّ أَنْ أَصْرُخَ، بِجَمَالِيَّةٍ مَا، تَكْشِفُ قُبْحَ المَشْهَدِ الْعُضَالِ: كَفَى.. كَفَى.. إِلَى مَتَى؟
– حِينَ حَاوَلْتُ أَنْ لَا أَكْتُبَ، ضَرَبَتْنِي الْقَصِيدَةُ عَلَى يَدِي بِحَنَانِ قَسْوَتِهَا، ثُمَّ عَاتَبَتْنِي بِالتَّحَوُّلِ إِلَى كَائِنٍ عَامٍّ، بَعْدَ أَنْ سَلَبَتْ تَفَرُّدِي وَخُصُوصِيَّتِي.
– أُرِيدُ أَنْ أَرْدِمَ الْهُوَّةَ الَّتِي بَيْنِي.. وَ.. بَيْنِي.
– آمَنْتُ بِأَنَّ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يُقَاوِمَ فَنَاءَهُ وَيَنْتَصِرَ عَلَيْهِ بِأَنْ يَتْرُكَ أَثَرًا جَيِّدًا هُوَ أَبْقَى مِنْهُ.
الْآنَ.. لَا أَشْعُرُنِي قُلْتُ كُلَّ شَيْءٍ، تَمَامًا كَمَا لَا أَشْعُرُنِي قُلْتُ أَيَّ شَيْءٍ.
– لِمَاذَا؟
أَعْرِفُ جَوَابَ (لِمَاذَا) تِلْكَ، كَمَا يَعْرِفُهُ غَيْرِي مِمَّن يُقِيمُونَ بِثِقَةٍ فِي حَدِيقَةِ النَّارِ، لكِنْ تَأَكَّدْ- أَيُّهَا الْقَارِئُ الْقَرِيبُ/ الْبَعِيدُ- أَنَّ هذَا لَيْسَ تَوَاضُعًا كَامِلًا مِنِّي، وَلاَ نَرْجِسِيَّةً زَائِدَةً”.
عزيزة رحموني / المغرب

» حوار مع الشاعرة التشكيلية نعيمة زايد
» حوارات مع عزيزة رحموني
» حوار عزيزة رحموني مع الكاتب فؤاد زويريق
» قراءة عزيزة رحموني في ديوان طائر البرهان
» ديوان صمت يسّاقطُ أكثر عزيزة رحموني
» حوارات مع عزيزة رحموني
» حوار عزيزة رحموني مع الكاتب فؤاد زويريق
» قراءة عزيزة رحموني في ديوان طائر البرهان
» ديوان صمت يسّاقطُ أكثر عزيزة رحموني
Page 1 sur 1
Permission de ce forum:
Vous ne pouvez pas répondre aux sujets dans ce forum
|
|