ميادة العاني شاعرة عراقية مهندسة

حاورتها: عزيزة رحموني/المغرب

ميادة طارق العاني شاعرة وكاتبة عراقية مهندسة زراعية عضو اتحاد الأدباء والكتاب في العراق
ديوانها "لدمك يصرخ المدى" لاقى صدى عند المتلقى و الناقد على حد سواء،
فتحت لنا حدائق قلبها لنستمتع بالحوار التالي:

*في البدء، نود لو تحدثينا عن نشأتك و عن خط المسار التي سلكته بين الهندسة و الأدب
بين قصائد احتضنتها سُميرات الورق عانقتها خدود ورد يابسة كتبها لها الشاب الاسمر .. كان ذلك ابي .
وبين رسائل شغف لم تخلُ من معزوفات شعرية متناغمة كتبتها له ذات العينين الزرقاوين .. كانت تلك امي .
جناحان حلقا بي نحو فضاءات القراءة الواسعة .. ابي كان مولعا بالأدب الروسي , فكانت تلك اول نافذة اطل خلالها على العالم الكبير بعد تجاوز عالم الطفولة وسحر بساط الريح وماجد وسلسلة قصص الشمس.
(مذلون مهانون , ذكريات من بيت الموتى , الأخوة كرامازوف , الحرب والسلام) قواسم لديستوفيسكي كن اول خطوط الطول والعرض التي تنقلت بين إحداثياتها بسرعة فائقة لتفتح أمامي آفاقا جديدة تختلف تماما عن عالم أجاثا كريستي ..
قرأت بعدها لهيمنغواي وكامو وكولن ويلسون وكل ما حوته مكتبة والدي .
المفارقة ان نشأتي في أسرة تعشق الأدب والقراءة لم تمنع ان يكون توجهي في الدراسة علميا .. ولا يخفى ان الهندسة الزراعية كالشعر يمكن توظيفها وجدانيا واستكشاف مواطن الجمال وهندسته.
كيف تزرعين صوتك في حروفك و لمن يصرخ مداك ؟ *
أبث له شيئا من روحي فيعزف على اوتار الحروف نغما صادحا يتماهى في سماوات (ميادة العاني) مرددا تلك انا بكل صخبي وجنوني وطفولتي عبر مداي الذي يصرخ لدمائهم - ابناء وطني- الذين رفعوا اياديهم ملوحين بالوداع , تاركين خلفهم عاصفة دموع وأمهات ثكالى .. ولا بد لصفحة الدم ان تطوى لتصبح كل صكوك القتل بلا رصيد.
*في اي الحديقتين تجدين متعة اكبر : الكتابة ام النقد ؟
الكتابة فطرة جبلت عليها منذ الصغر تشكلت دون استئذان , اما النقد فهو مدرسة كبيرة يجب اجتياز مراحلها بتأني وصبر لاستخراج روح النص دون قتله .
لذا فالكتابة حديقتي الوارفة .. اما النقد فهو حلمي الاصعب.
*ما موقع الخط العربي في جغرافيتك ؟
جغرافية الروح لا تختلف كثيرا عن جغرافية المكان والشاعر ابن بيئته .. لذا فالخط العربي هو خط استواء بالنسبة لما اكتب , ليس لاني احمل الهوية العربية حسب , بل ان الانتماء هو الداينمو الذي يحدد مسافة البعد او الاقتراب من هذا الخط .
*الحروف او اللغة، هل تجدينها كرات ثلج أم جمرات أم سلالم ؟
لا شك انها كل ما ذكرتِ عزيزتي .. فهناك نصوص تتحدى الطمأنينة وتعبث بالاستقرار فتسرق المتلقي .. وهناك نصوص لا تاريخ لها تعيش لكل زمن .. كما هناك نصا يصنع تاريخاً.
فاللغة معيار اساسي في الكتابة على قدر تعلق الامر بقوة النص وجزالته وقدرته على الوصول .
*الحرية بين الايدولوجيا/ الإعلام / الواقع، كيف ترين افقها العربي
مفهوم الحرية الشمولي انه فض اشتباك لمشاعر واحاسيس مرتبكة والخروج بنسيج متراص ومتراكب .. غير ان هذا المفهوم غير واضح في الأفق العربي اذ يتميز بالضبابية والانتقائية , وهذا بسبب الخلط والانتشار اللامركزي لوسائل الإعلام والشبكات الالكترونية التي قننت دور الرقابة فبات مفهوم الحرية مطلقا .
*هل ترين الحاضر معمدا بالغثيان و هل تشعرين بالخوف من
المستقبل ؟
رغم الواقع العشوائي للمسيرة الادبية الا اني لا ارى تخوفا من المجهول .. اذ هناك نهضة ادبية شبابية انيقة وواعية تشهدها الساحة العربية , وان كانت قصيرة الرؤى بعيدة النتائج .. لكنها بذرة صالحة ستأتي أكلها ولو بعد حين.
*حين تنزفين اسئلة و تواجهك عبثية الحياة، هل تشعرين بالإحباط أم برهبة أم بحافز يدفعك لصب اللعنة على الضعف و الخوف و التقزم ؟
عبثية الحياة تلقي باثقالها على كوهلنا بشكل يجعلنا نستشعر التعب مبكرا , وذلك لاننا محكومون بالسلب الاجتماعي وغياب دور المؤسسات الثقافية والادبية .. ما يدفعنا الى صب اللعنة على الواقع النزق.
لو قابلتِ "باتريك زوسكند" او "نيكولاي غوغول"، ماذا تقولين له ؟ *
(زوسكند وغوغول) وثيقتان مهمتان في عالم الادب يختلفان في الاسلوب والمنهج والثقافة ويشتركان في تأملي الطويل لهما .معطف يحفه عطر
كلمة اخيرة ؟*
ماثيو ارنولد كان قد تنبأ بان الشعر سوف ينقذنا وقد علق برودسكي على ذلك باننا ربما كنا قد تأخرنا عن انقاذ العالم .. ولكن تظل دائما ثمة فرصة لإنقاذ الانسان الفرد.
من هنا يظل النص ابن شرعي للتاريخ والحادثة يؤرخ لها ويضفي عليها نقطة ضوء زرقاء تؤسس لعوالم جديدة .
شكرا لمحاورتي الرائعة .. اتمنى اني كنت خفيفة الظل عليها وعليكم .